ارتفعت أسعار الليمون في الأسواق خلال الأسابيع الأخيرة بشكل لافت، حتى تحوّل إلى مادة للسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن تجاوز سعر الكيلو في بعض المناطق حاجز الـ120 جنيه، ما دفع مواطنين للتساؤل: "هل أصبح الليمون سلعة رفاهية؟"، بينما يبحث آخرون عن الأسباب الحقيقية خلف هذا الارتفاع المفاجئ. في هذا السياق، يوضح الدكتور صبحي سلام، نقيب الزراعيين في الإسكندرية، أن ما يحدث ليس حالة عرض وطلب عابرة، بل نتاج مجموعة من العوامل المتداخلة، في مقدمتها العوامل المناخية الحادة، وزيادة تكاليف الإنتاج، واختلالات في منظومة النقل والتوزيع. موجات حرارة وصقيع.. "ضربات جوية" للمحصول يؤكد "سلام" أن "إنتاجية أشجار الليمون تتأثر بشكل مباشر بالتقلبات المناخية"، مشيرًا إلى أن موجات الحر الشديد أو الصقيع المفاجئ تؤثر سلبًا على كمية وجودة الثمار. ويقول: "إذا تأثر الإزهار أو التساقط، يتراجع الإنتاج تلقائيًا، وبالتالي يقل المعروض في السوق، ويرتفع السعر". ويضيف أن للليمون مواسم إنتاج محددة، وخارج هذه المواسم يقل وجوده طبيعيًا، ما يجعل الأسواق أكثر عرضة لتقلبات الأسعار، خاصة مع زيادة الطلب في أوقات معينة مثل شهر رمضان أو خلال فترات انتشار نزلات البرد والإنفلونزا، حيث يُقبل المصريون على شراء الليمون لاعتباره وسيلة تقليدية لمقاومة المرض. نقل وتخزين وتوزيع.. حلقات تنهار لا تقف الأزمة عند الإنتاج فقط، بل تمتد –بحسب نقيب الزراعيين– إلى ما بعد الحصاد، "أي خلل في عمليات النقل أو التخزين أو التوزيع يمكن أن يؤدي إلى تلف كميات كبيرة من المحصول، أو تأخرها عن الوصول إلى الأسواق، وهو ما يضغط على المعروض". ويرى أن جزءًا من الأزمة يعود أيضًا إلى الارتفاع المتواصل في أسعار مدخلات الإنتاج مثل الأسمدة والمبيدات، إضافة إلى أسعار الوقود والعمالة الزراعية، ما يجعل تكلفة زراعة الليمون أعلى بكثير من السابق، ويتحمل المستهلك العبء النهائي لذلك في صورة زيادة سعرية. ضعف البنية الزراعية.. وغياب الحلول المستدامة ورغم أن مثل هذه "الطفرات السعرية" تحدث سنويًا، فإن ما يكشفه موسم الليمون الحالي هو هشاشة المنظومة الزراعية أمام التغيرات المناخية والاقتصادية، فتراجع إنتاج الليمون المحلي لا يعود فقط إلى الطقس، وإنما أيضًا إلى مشكلات هيكلية مثل نقص مياه الري، وانتشار بعض الأمراض الزراعية، وغياب الدعم الفني والتقني الكافي للمزارعين. وفي ظل غياب آليات التحكم في الأسواق أو دعم التخزين المبرد أو تنظيم العرض عبر فترات السنة، تصبح الأسواق المصرية عرضة لموجات من تقلب الأسعار دون ضوابط، وهو ما يجعل المستهلك يدفع الثمن الأكبر، في حين لا يستفيد المنتج نفسه بشكل فعلي من هذه الزيادات.