نشَر موقع ميدل إيست آي تقريرًا يُوَثِّق استخدام إسرائيل للمجاعة كسلاح جماعي ضد سكان غزة، حيث تُجَوِّع أكثر من مليوني إنسان بشكل متعمد ومنهجي، وسط صمت دولي متواصل.

لا تَنتُج المجاعة عن الكوارث أو الجفاف أو الحروب وحدها، بل تُفرَض بالقوة أو تُترك لتتفاقم بالإهمال، ويُشارك في ذلك كل من يَصمُت أو يَتَجاهل. في غزة، تُمارِس إسرائيل هذا النهج بوضوح، عبر حصار شامل يَمنَع الغذاء والماء والدواء.

يُعَدُّ استخدام المجاعة جريمة حرب وفق اتفاقيات جنيف والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، كما تُدين الأمم المتحدة ذلك في قرارها رقم 2417، الذي يَرفُض تجويع المدنيين أو حرمانهم من ضروريات الحياة.

رغم وضوح هذه القوانين، أكَّد المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في الغذاء أن العالم لم يَشهَد من قبل حالة تجويع بهذا الحجم والسرعة كما حدث في غزة. خلال أوائل 2024، حذَّرت منظمات حقوقية مثل بتسيلم، ومؤسسات طبية، والاتحاد الأوروبي، من أن إسرائيل تَتعمَّد تجويع السكان.

أصدَر برنامج التصنيف المرحلي للأمن الغذائي (IPC) تقريرًا في ديسمبر 2023، أشار إلى أن كل سكان غزة يُواجِهون مستويات خطيرة من انعدام الأمن الغذائي، وهي أعلى نسبة يُسَجِّلها البرنامج منذ تأسيسه.

رغم هذه التحذيرات، اكتَفَت الجهات الدولية بردود فعل محدودة، بينما تدهور الوضع أكثر. في فبراير، بدأ الجيش الأردني إسقاط مساعدات غذائية جوًّا فوق شمال غزة، في حين وَصَفَت منظمة "وورلد سنترال كيتشن" هذا التحرك بأنه "إعادة تعريف للإغاثة الإنسانية".

لكن في مارس، حَظَرَت إسرائيل دخول جميع المساعدات، بما فيها الطعام والماء. في 16 أبريل، صرَّح وزير الدفاع الإسرائيلي بعدم سماحهم بوصول أي مساعدات.

وفي 25 أبريل، أعلَن برنامج الأغذية العالمي نَفاد مخزونه بالكامل.

دَمَّرَ الجيش الإسرائيلي المزارع والمخابز وقوارب الصيد والمخازن والمطابخ المجتمعية. أحرَقَ المحاصيل، وقتَلَ 95٪ من الثروة الحيوانية، ودمَّرَ 75٪ من أشجار الزيتون. تَلوَّثت التربة والمياه بفعل القصف وتسرب مياه الصرف الصحي.

مَنعَت إسرائيل العلاج عن آلاف الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية حاد، وتوقَّف نصف مراكز العلاج الغذائي في غزة عن العمل. تَدهورت صحة الأطفال الرضّع، وازدادت حالات الولادة بوزن منخفض، وارتفعت نسبة الإصابة بفقر الدم، بسبب التحكم الإسرائيلي بمحتوى الغذاء ونوعيته.

منذ 2007، تَعمَّدت إسرائيل تقييد دخول الطعام لتقليص كمية السعرات للفلسطينيين، دون التسبب في الموت المباشر، بحسب وثائق رسمية كَشَفَتها منظمة "جيشا". هذا النهج القائم على "الحد الأدنى الإنساني" تَحوَّل إلى سياسة تجويع شاملة في السنوات الأخيرة.

في مارس 2025، خالَفَت إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار، واستأنفَت هجماتها، مُضاعِفة الحصار، في وقت أظهَرَت فيه تقارير أن المجاعة باتت وشيكة أو بدأت فعليًا.

تَطالَب تقارير دولية بمحاسبة المسؤولين عن سياسة التجويع، لأن الغذاء وحده لا يُنهِي المجاعة، والعدالة لا تتحقق دون مساءلة. يُشكِّل الصمت الدولي مشاركة فعلية في الجريمة، ويُساعِد في استمرار سياسة الإبادة بالتجويع.

التحذيرات بوقوع مجاعة أو إبادة لم تُؤَدِّ إلى تحرك، بل جَرَت المماطلة بها قانونيًّا وتشويشها إعلاميًّا. لكن الفرصة لا تزال قائمة لاستعادة الالتزامات الأخلاقية والسياسية، والتحرك لحماية سكان غزة من الهلاك.

https://www.middleeasteye.net/opinion/israel-starving-gaza-death-and-still-world-does-nothing