نشرت صحيفة الجارديان تقريراً مؤلماً عن الطفلة الفلسطينية سوار عاشور، التي وُلدت وسط الحرب والجوع، ولم تعرف شيئاً سوى المعاناة. تواجه سوار، التي لم تتجاوز الستة أشهر، خطر الموت دون أن تذوق لحظة سلام أو دفء.

وُلدت سوار في 20 نوفمبر 2023، بوزن 2.5 كجم فقط، وتعاني منذ ولادتها من مشكلة في المريء تعيق قدرتها على الرضاعة، ما جعلها تعتمد على حليب خاص، ندر وجوده في غزة بفعل الحصار الإسرائيلي. قصفت الطائرات منزل والديها في مخيم النصيرات بوسط القطاع، بعد بدء الحرب في أكتوبر، عقب مقتل 1200 شخص في إسرائيل، ورد تل أبيب بهجوم أودى حتى الآن بحياة أكثر من 52 ألف فلسطيني.

انتقل والد سوار، صالح، ووالدتها، نجوى أرام (23 عاماً)، للإقامة في خيام بعد تدمير منزلهم، لكن ظروف المخيم ازدادت سوءاً مع قلة الماء والغذاء واستمرار القصف. حاولت العائلة العودة إلى بيت الجدّ في النصيرات، لكنه قُصف أيضاً، ولم يتبق منه سوى غرفة واحدة تقاسموها مع 11 شخصاً. في تلك الغرفة، وُلدت سوار.

أوضحت الأم أنها كانت مرهقة دائماً، لم تجد خصوصية أو راحة، ولم تتوفر أي تغذية مناسبة، وأضافت: "عند ولادتها، بدت جميلة رغم الضعف الذي بدا على ملامحها. لكنها الآن نحيلة بشكل غير طبيعي. الأطفال في مثل عمرها يفترض أن يزنوا 6 كجم أو أكثر، لكن وزنها لا يتجاوز 4 كجم".

اكتشفت نجوى الشهر الماضي أنها حامل بطفل آخر، لكنها تعيش في خوف دائم من فقدان سوار قبل ولادة أخيها أو أختها. انتقلت إلى خانيونس لتقيم مع والدتها، وقضت معظم الشهور الماضية في المستشفى مع ابنتها الهزيلة. أما والد سوار الكفيف، فبقي في النصيرات لعجزه عن التنقل دون مساعدة، وزار ابنته مرة واحدة فقط. تعلق بها بشدة، ويخاف فقدانها أكثر من أي شخص آخر.

لا تملك العائلة أي مصدر دخل، وتعتمد على مطابخ خيرية وبعض المساعدات الإنسانية، التي تتضاءل مع استمرار الحصار الإسرائيلي الكامل، الذي اقترب من دخول شهره الثالث. وصف رئيس وكالة الأونروا، فيليب لازاريني، الوضع بأنه "تجويع متعمد بدوافع سياسية، يجسد أقسى صور القسوة".

لم يتبق لدى العائلة سوى كيس دقيق وبعض المعلبات، وعندما تنفد، لن يستطيعوا شراء شيء بسبب الغلاء. الوضع يزداد خطورة مع صعوبة تأمين الحليب الخاص الذي تحتاجه سوار. تقول نجوى: "أعاني أنا أيضاً من سوء تغذية، ومع ذلك أحاول إرضاع سوار، لكنها ترفضني وتواصل البكاء. لذلك، اعتمد أكثر على الحليب الصناعي، الذي لم يعد يكفي لأكثر من أسبوع".

قضت الأم وابنتها معظم شهر مارس في مستشفى دير البلح، حيث توفر نوع من الحليب ساعد في رفع وزن سوار إلى 4 كجم. بدأت سوار تبتسم وتلعب، ما أعاد الأمل لوالدتها. لكن بعد الخروج من المستشفى، عاد وزنها للانخفاض. نقلها الأطباء إلى مستشفى ناصر بخانيونس، حيث تقيم حالياً.

قالت نجوى إن الأطباء يبذلون كل ما بوسعهم، لكن سوار لا تتحمل تركيبة الحليب المتاحة. "الوضع في المستشفى مأساوي. هناك ستة مرضى في كل غرفة، والمعاناة تحاصر الجميع. رأيت أطفالاً في حال أسوأ من سوار". أضافت: "رؤية ابنتي بهذه الحالة تصيبني بالأرق. أعيش في قلق دائم، وأبكي كثيراً خوفاً من فقدانها. ألا يمكن للعالم أن يفتح المعابر لإدخال الحليب والغذاء والدواء؟ كل ما أريده هو أن تعيش سوار كأي طفل في العالم".

من جهته، أكد الدكتور أحمد الفراح، مدير قسم الأطفال والولادة في مجمع ناصر الطبي، تسجيل خمس إلى عشر حالات جديدة من سوء التغذية يومياً. قال: "نرى حالات شديدة، يظهر فيها الهزال على الأطفال بوضوح مرعب. لا نملك ما نقدمه لهم. يحتاجون إلى البروتين، لكنه غير متوفر. نحاول إعطاء بعض الحليب المجفف، لكننا لا نستطيع تقديم أكثر من ذلك".

أشار أيضاً إلى أن الاكتظاظ الشديد يزيد من انتشار الأمراض بين الأطفال. لم يتبق للمستشفى سوى وقود يكفي لتشغيل المولدات 48 ساعة. فصلت الإدارة الكهرباء عن المكاتب الإدارية لإطالة المدة، لكن قريباً ستنقطع الكهرباء عن الأقسام المزدحمة بالمرضى.

اختتم الطبيب حديثه قائلاً: "أشعر بالعجز أمام احتياجاتهم. لا طعام، لا مكملات، لا أدوية، ولا فيتامينات. درست سوء التغذية نظرياً في الطب، ولم أظن أني سأراه فعلياً بهذا الشكل. لكن ها هو يتحقق أمام أعيننا في غزة. أرجو من العالم أن يعاملنا كأناس، فنحن خُلقنا كبقية البشر".

https://www.theguardian.com/world/2025/may/11/there-is-suffering-everywhere-you-look-says-mother-of-emaciated-baby-girl-trapped-in-gaza