أعلن رئيس حكومة السيسي، مصطفى مدبولي صدور توجيهات رئاسية بتمديد المدة الانتقالية لإخلاء الوحدات السكنية، بعد أن كانت محددة بخمس سنوات فقط في نص المشروع المعروض على مجلس النواب.
ويأتي التدخل الرئاسي بعد أسابيع من تصاعد الاعتراضات الشعبية والنقابية، التي اعتبرت أن القانون بصيغته الحالية يهدد الاستقرار الاجتماعي، ويضرب الفئات الأكثر هشاشة، خاصة في المناطق الشعبية والريفية، حيث لا تزال العلاقة الإيجارية القديمة تمثل آخر ما تبقى من مظلة حماية سكنية لملايين المواطنين.
مدبولي: مراجعة مدّ المهلة والبعد الاجتماعي
وفي مؤتمر صحفي عُقد بالقاهرة، أوضح مدبولي أن الحكومة بصدد دراسة مقترحات مقدمة من النواب والنقابات بشأن تعديل فترة الإخلاء، مع إعادة النظر في تحديد القيمة الإيجارية الشهرية وفقًا لمعايير تتعلق بالموقع الجغرافي والحالة الاقتصادية للسكان، مؤكدًا أن اللائحة التنفيذية المنتظرة للقانون ستفصل تلك القيم بشكل دقيق.
وشدد رئيس الوزراء على أن مشروع القانون يراعي تحقيق توازن بين حقوق الملاك والمستأجرين، إلا أن المقترحات المجتمعية فرضت نفسها بقوة على مسار مناقشات البرلمان، ما استدعى توجيهات رئاسية بتخفيف الأعباء، خصوصًا عن مستأجري الوحدات السكنية القديمة، دون أن يوضح ما إذا كانت تلك التعديلات ستشمل الوحدات غير السكنية كالمحال التجارية والمراكز الطبية.
أبرز بنود المشروع المثير للجدل
ويتضمن مشروع القانون المقترح ما يلي:
- إخلاء المستأجرين من الوحدات السكنية بعد 5 سنوات من تاريخ تطبيق القانون.
- رفع القيمة الإيجارية إلى ألف جنيه شهريًا في المدن، و500 جنيه في القرى، مع زيادتها بنسبة 15% سنويًا.
- إنهاء العلاقة الإيجارية للمحال والمراكز التجارية والطبية خلال نفس الفترة، دون استثناءات مهنية أو خدمية.
قنبلة اجتماعية.. تحذيرات من النقابات المهنية
الاعتراضات لم تتأخر، فقد وصف نقيب المهندسين طارق النبراوي مشروع القانون بأنه "قنبلة اجتماعية" تهدد النسيج المجتمعي، مؤكدًا أن حكم المحكمة الدستورية الذي استندت إليه الحكومة يتناول فقط مسألة تحديد القيمة الإيجارية، ولا يشرعن الإخلاء التلقائي أو القسري.
وأشار النبراوي إلى أن فرض حد أدنى موحّد للإيجارات لا يراعي الفوارق الكبيرة بين المناطق الراقية والشعبية، ضاربًا المثل بجاردن سيتي والزمالك من جهة، والعباسية والوايلي من جهة أخرى، ما يفتح الباب لأزمة سكنية حادة في حال إقرار القانون بصيغته الحالية.
تهديد للأمن الصحي.. الأطباء على خط النار
أما نقيب الأطباء، أسامة عبد الحي، فقد حذر من تداعيات تطبيق القانون على القطاع الطبي، معتبرًا أن إنهاء العلاقة الإيجارية للمراكز والعيادات بعد خمس سنوات فقط "يشكل خطرًا مباشرًا على الأمن القومي الصحي"، خاصة في ظل التوزيع العشوائي للعيادات داخل المدن، والنقص الحاد في البنية التحتية الصحية.
وأكد عبد الحي أن آلاف الأطباء قد يجدون أنفسهم بلا عيادات في حال الإخلاء القسري، مما يزيد من ظاهرة هجرة الكفاءات الطبية، التي تعاني منها البلاد بالفعل.
انقسام شعبي واستفهامات معلقة
رغم محاولات الحكومة طمأنة الرأي العام، إلا أن الانقسام الشعبي لا يزال قائمًا.
فالملاك يرون أن القانون الجديد تأخر كثيرًا في إنصافهم بعد عقود من التجميد القسري للإيجارات، في حين يتمسك المستأجرون بحقهم في السكن الآمن، ويدعون إلى حلول وسطية تحفظ كرامة الطرفين دون تشريد أو تعسف.