أنهت بعثة صندوق النقد الدولي زيارتها إلى القاهرة، بعد أسبوعين من المناقشات الفنية الدقيقة ضمن إطار المراجعة الخامسة لبرنامج "تسهيل الصندوق الممدد" بقيمة 8 مليارات دولار. ورغم الإعلان الرسمي عن "تقدم جيد"، كشفت مصادر مطلعة عن استمرار خلافات بين الطرفين حول ملفات جوهرية تعيق صرف الشريحة المقبلة من التمويل، والبالغة 1.3 مليار دولار.

أبرز نقاط التوتر تمثلت في مطالبة الصندوق بتسريع خطوات تقليص دور الدولة – لا سيما الجهات العسكرية – في النشاط الاقتصادي، وتسريع وتيرة برنامج الطروحات الحكومية، الذي شهد تأخيرات متكررة، بجانب ضرورة توسيع القاعدة الضريبية، وإدماج الاقتصاد غير الرسمي والمؤسسات الأمنية ضمن النظام الضريبي الداعم للموازنة.

في بيان ختامي مقتضب، وصف صندوق النقد المحادثات بأنها "مثمرة"، دون أن يلتزم بموعد محدد لصرف الشريحة المقبلة، مشيراً فقط إلى مواصلة العمل المشترك نحو استكمال المراجعة، ما يعني عملياً تأجيل صرف التمويل إلى يونيو على الأقل.

وتؤكد مصادر حكومية، تحدّثت لوسائل إعلام محلية، أن الصندوق أبدى تحفظاً واضحاً تجاه ملفات "حساسة"، ما يعكس استمرار الضغوط الفنية والسياسية على حكومة السيسي للمضي قدماً في تنفيذ إصلاحات هيكلية طال انتظارها، تمهيداً لتحسين مناخ الاستثمار وتحقيق استدامة مالية طويلة الأمد.

 

خصخصة الشركات العامة والتابعة للجيش

ويبدو أن ملف خصخصة الشركات العامة والتابعة للجيش، سيظل أحد أكثر نقاط التفاوض حساسية بين الطرفين، خاصة مع رهان الحكومة على تحسن المناخ الاستثماري بعد استقرار سعر الصرف وتراجع معدلات التضخم نسبياً وفقا لتصريحات خبير التمويل والاستثمار وائل النحاس، الذي يخشى من تعجل الحكومة بالتفريط في الشركات العامة بضغوط من صندوق النقد، في وقت معاكس لحالة الأسواق المحلية والدولية، التي تشهد إقبالا على الاستثمار في الذهب مقابل خفوت الطلب على الاستثمار في شراء الشركات بسبب حرب التعرفة التي أشعلها الرئيس ترامب دوليا، وفقًا لـ "العربي الجديد".

كما أكد النحاس أن صندوق النقد الدولي لم يُعلن عن موعد نهائي لإتمام المراجعة الخامسة أو لصرف الشريحة الجديدة، من قرض الصندوق، وإن كانت التوقعات تشير إلى شهر يونيو، منوها إلى أنه ربما يتواصل الطرفان افتراضياً خلال الأسابيع المقبلة، لمتابعة تفاصيل الإصلاحات المطلوبة وتقديم التطمينات النهائية التي يفرضها الصندوق.

ويشير النحاس إلى أن تراجع عوائد قناة السويس وضعف الأداء الاقتصادي، مع زيادة الدين العام وخاصة الخارجي، مع حاجة الدولة إلى العملة الصعبة في حدود 3 مليارات دولار خلال شهر يونيو المقبل، ما قد يدفعها إلى قبول كل الشروط التي يفرضها صندوق النقد.

ومسألة توقيت وسرعة طرح الشركات المملوكة للدولة للبيع على رأس هذه القائمة، يليها مدى التزام مصر بوثيقة سياسة ملكية الدولة، والتي تهدف إلى تقليص دور القطاع العام والمؤسسات الأمنية في الاقتصاد وتوسيع المجال أمام القطاع الخاص.

في تصريحات تعكس نفاد صبر المؤسسة الدولية، أكدت رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر، إيفانا هولار، أن "استقرار الاقتصاد الكلي لم يعد كافياً"، مشددة على ضرورة تنفيذ إصلاحات أعمق من أجل "إطلاق العنان لإمكانات النمو، وخلق فرص عمل، وزيادة مرونة الاقتصاد أمام الصدمات". وشددت هولار على أن تقليص دور الدولة في النشاط الاقتصادي "يجب أن يتم بشكل حاسم"، مطالبة الحكومة المصرية بالإسراع في تنفيذ برنامج التخارج من الأصول في القطاعات التي أعلنت الدولة نيتها الانسحاب منها.

في المقابل، تتمسك حكومة السيسي برؤية أكثر تدرجاً في تنفيذ تلك التوصيات، خاصة في ظل التحديات الاجتماعية والسياسية المرتبطة بتقليص دور الدولة في قطاعات استراتيجية. ورغم إعلان رئيس وزراء السيسي الدكتور مصطفى مدبولي في بداية 2025 عن خطط لطرح حصص في 11 شركة حكومية، فلم يتم حتى الآن تنفيذ سوى خطوات محدودة على الأرض، ما أرجعه مسؤولون حكوميون إلى ظروف السوق والاعتبارات الفنية.

 

طرح الشركات المملوكة للدولة للبيع

ومسألة توقيت وسرعة طرح الشركات المملوكة للدولة للبيع على رأس هذه القائمة، يليها مدى التزام مصر بوثيقة سياسة ملكية الدولة، والتي تهدف إلى تقليص دور القطاع العام والمؤسسات الأمنية في الاقتصاد وتوسيع المجال أمام القطاع الخاص.

في تصريحات تعكس نفاد صبر المؤسسة الدولية، أكدت رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر، إيفانا هولار، أن "استقرار الاقتصاد الكلي لم يعد كافياً"، مشددة على ضرورة تنفيذ إصلاحات أعمق من أجل "إطلاق العنان لإمكانات النمو، وخلق فرص عمل، وزيادة مرونة الاقتصاد أمام الصدمات". وشددت هولار على أن تقليص دور الدولة في النشاط الاقتصادي "يجب أن يتم بشكل حاسم"، مطالبة الحكومة المصرية بالإسراع في تنفيذ برنامج التخارج من الأصول في القطاعات التي أعلنت الدولة نيتها الانسحاب منها.

في المقابل، تتمسك حكومة السيسي برؤية أكثر تدرجاً في تنفيذ تلك التوصيات، خاصة في ظل التحديات الاجتماعية والسياسية المرتبطة بتقليص دور الدولة في قطاعات استراتيجية. ورغم إعلان رئيس الوزراء مصطفى مدبولي في بداية 2025 عن خطط لطرح حصص في 11 شركة حكومية، فلم يتم حتى الآن تنفيذ سوى خطوات محدودة على الأرض، ما أرجعه مسؤولون حكوميون إلى ظروف السوق والاعتبارات الفنية.

 

الإيرادات الضريبية

ملف آخر شكل نقطة نقاش رئيسية في الجولة الخامسة، وهو الإيرادات الضريبية. ورغم إشادة الصندوق بجهود تبسيط الإجراءات الضريبية والجمركية، إلا أنه شدد على الحاجة إلى "توسيع القاعدة الضريبية" و"مراجعة الإعفاءات" خاصة الممنوحة للهيئات العامة والتابعة للجيش، لتعزيز قدرة الدولة على الإنفاق التنموي والاجتماعي.

يصطدم هذا التوجه بصعوبات محلية وتعقيدات بيروقراطية تديرها "الدولة العميقة" من أبرزها التحديات المرتبطة بإدماج القطاع غير الرسمي في المنظومة الضريبية.