رفضت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" مقترحًا جديدًا قدّمه المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف لوقف إطلاق النار المؤقت في قطاع غزة، واعتبرته "انقلابًا ناعمًا" على المقترح السابق الذي وافقت عليه الحركة، لصالح الشروط الإسرائيلية دون تقديم أي ضمانات حقيقية لإنهاء الحرب أو رفع الحصار عن القطاع المنكوب.

ووفق مصادر مطلعة داخل الحركة، فإن المقترح الجديد يتضمن هدنة لمدة 60 يومًا، مقابل إطلاق سراح 10 محتجزين إسرائيليين على دفعتين، وتسليم 18 جثة محتجزة لدى كتائب القسام، في حين تمتنع إسرائيل عن تقديم أي التزامات تتعلق بوقف دائم للعدوان أو انسحاب قواتها من قطاع غزة، أو حتى ضمان استمرار دخول المساعدات الإنسانية دون قيود.

انقلاب على المقترح السابق
وقال قيادي بارز في حماس، طالبًا عدم كشف اسمه، إن المقترح الجديد يمثل تراجعًا عن الورقة السابقة التي وافقت عليها الحركة خلال مفاوضات جرت بالدوحة في مايو الجاري، والتي كانت تتضمن خارطة طريق واضحة لوقف شامل لإطلاق النار وتبادل كامل للأسرى، وانسحاب تدريجي لقوات الاحتلال من القطاع.

ووصف المسؤول الحمساوي المقترح الأخير بأنه "وثيقة أمريكية إسرائيلية"، وليس مبادرة وساطة حقيقية. وأضاف: "تم الالتفاف على نقاط الاتفاق السابقة، ولم تُقدّم الورقة الجديدة أي التزام واضح لا من الجانب الأمريكي ولا من إسرائيل، وهو ما يجعلها مجرد هدنة مجانية تمنح تل أبيب الفرصة لإعادة التموضع العسكري والسياسي".

لا ضمانات.. ولا مساعدات
أحد أخطر ما تضمنه المقترح، وفق المصدر، هو إلغاء البروتوكول الإنساني الذي كان معمولًا به منذ اتفاق يناير الماضي، إذ اشترطت الوثيقة دخول المساعدات الإنسانية بناءً على ما يُتفق عليه لاحقًا بين الطرفين، وليس وفق الاحتياجات الفعلية للسكان المدنيين، الذين يعيشون تحت الحصار والقصف منذ أكثر من 7 أشهر.

ووصف القيادي النص المتعلق بالمساعدات بأنه "شرعنة للتجويع واستمرار للحصار"، مؤكدًا أن حماس لن تقبل بإعادة فرض الشروط الإسرائيلية على القوافل الإنسانية، ولا بمنح تل أبيب صلاحية التحكم في توقيت وكمية ونوعية ما يدخل إلى غزة.

ورقة ضغط داخلية في إسرائيل
في الداخل الإسرائيلي، تباينت ردود الفعل حول المقترح الجديد. فبينما حذّر وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من "السقوط في فخ اتفاق جزئي ينقذ حماس"، صدرت عن عائلات الأسرى الإسرائيليين مواقف شديدة اللهجة تجاه الحكومة.

وفي بيان موحّد، قالت العائلات: "كفوا عن المتاجرة بمصير الأسرى. أوقفوا التصريحات الكاذبة والوعود الفارغة. الشعب يريد عودتهم جميعًا، رجالًا ونساءً، وأوقفوا هذه الحرب المجنونة".

كما دعا زعيم المعارضة يائير لابيد الحكومة إلى القبول العاجل بالمقترح الأمريكي، قائلًا: "أدعم الصفقة فورًا. لا يهم إذا حاول سموتريتش أو بن غفير نسفها، يجب إعادتهن وإعادتهم للديار".

واقع الأسرى والمفقودين
لا تزال حماس تحتفظ بـ58 محتجزًا من بينهم أربعة أمريكيين، فيما تؤكد تل أبيب أن 35 منهم لقوا مصرعهم، ويُعتقد أن 22 منهم ما زالوا على قيد الحياة. وكان من بين أبرز المحتجزين الذين أطلقت سراحهم مؤخرًا الجندي الإسرائيلي الأمريكي عيدان ألكسندر.

ووفقًا لمسودة الخطة الأمريكية الجديدة، فإن أي تقدم في ملف الأسرى مشروط بتنازلات كبيرة من حماس دون مقابل سياسي أو إنساني فعلي، ما يجعل الصفقة "انحيازًا فجًا" كما يراها قادة الحركة.