في غزة، لم تعد الحرب وحدها تقتل، بل بجانب القصف والدمار، أصبح الصمت الدولي والعربي وتراكم النفايات والمياه الراكدة شريكاً في الموت، في انتظار تحرّك يضع حداً لهذه المأساة المستمرة.

 

غزة تباد قصفًا

واستشهد 19 فلسطينيا على الأقل وأُصيب آخرون في هجمات نفذها الجيش الإسرائيلي على مناطق متفرقة بقطاع غزة منذ فجر الاثنين، في إطار الإبادة الجماعية التي يرتكبها منذ 7 أكتوبر 2023.

وأفادت مصادر طبية للأناضول، بمقتل 8 فلسطينيين في اعتداء إسرائيلي بإطلاق النار على المُجوّعين قرب مركز توزيع "المساعدات الأمريكية ـ الإسرائيلية" غرب مدينة رفح جنوب القطاع.

وقالت المصادر إن فلسطينيا قُتل في قصف على بلدة عبسان الكبيرة شرق مدينة خان يونس جنوب القطاع.

وفي المحافظة الوسطى، أعلن مستشفى العودة الأهلي في بيان، مقتل 3 فلسطينيين وإصابة 9 آخرين في قصف إسرائيلي استهدف تجمعا لمدنيين في مخيم النصيرات.

فيما قال في بيان ثان إن 31 مصابا وصلوا إلى مستشفى العودة جراء إطلاق مسيرات إسرائيلية القنابل والرصاص الحي تجاه تجمعات لمدنيين قرب نقطة توزيع "المساعدات الأمريكية - الإسرائيلية" بمحيط محور "نتساريم" وسط القطاع.

وشرق مدينة غزة، قالت المصادر الطبية إن 4 فلسطينيين قتلوا وأصيب آخرون في قصف إسرائيلي على حيي الشجاعية والتفاح.

وأوضحت أن 3 فلسطينيين قتلوا في قصف إسرائيلي استهدف تجمعا لمدنيين جنوب حي الزيتون شرق المدينة.

 

انتشار الأمراض المعدية

يشهد قطاع غزة تفشيا واسعا للأمراض المعدية بين النازحين، نتيجة لتراكم النفايات وظهور برك من مياه الصرف الصحي، وسط انهيار شامل في البنية التحتية والخدمات الأساسية، وفقاً لتقارير محلية وتصريحات رسمية.

أدى تراكم النفايات وظهور برك مياه الصرف الصحي إلى انتشار واسع للأمراض المعدية بين النازحين في قطاع غزة، وفي ظل الدمار الذي طال منشآت القطاع جراء العدوان الإسرائيلي، باتت البلديات عاجزة عن مواجهة الأزمة.

وقال المتحدث باسم بلدية غزة، عاصم النبيه، إن البلدية غير قادرة على معالجة النفايات، وذلك بسبب "تدمير الجيش الإسرائيلي لأكثر من 85 بالمئة من الآليات الثقيلة والمتوسطة التابعة للبلدية"، بالإضافة إلى "منع الطواقم من الوصول إلى المكب الرئيسي في منطقة جحر الديك شرقي المدينة".

وأشار النبيه إلى أن "شح الوقود يزيد من صعوبة تشغيل ما تبقى من الآليات"، مما أجبر البلدية على جمع النفايات في مكبات عشوائية وسط الأحياء السكنية، وهو ما يهدد بحدوث كارثة صحية وبيئية وشيكة.

ووفق تقديرات رسمية، فإن أكثر من 250 ألف طن من النفايات تراكمت في القطاع خلال الأشهر الأخيرة، نتيجة لانهيار خدمات النظافة والصرف الصحي تحت وطأة الحصار وتدمير البنى التحتية.

في مخيمات النزوح، حيث يعيش آلاف الفلسطينيين في ظروف مأساوية، تتفاقم المعاناة. وقالت إحدى النازحات لسكاي نيوز عربية: "أُصيب الأطفال بالجدري والجرب، وعدوى الأمراض تنتشر بسرعة، حتى كبار السن لم يسلموا من الأمراض الجلدية والتنفسية". وأضافت: "الذباب منتشر بكثافة، ولا يمكننا حتى حفظ الطعام داخل الخيام".

وأكدت نازحة أخرى أن "الجميع يعاني من نقص حاد في الأدوية والطعام"، في ظل انهيار شبه تام في النظام الصحي المحلي.

ويُمثل انهيار شبكة الصرف الصحي تحديا آخر يهدد حياة السكان، حيث تحولت برك المياه الراكدة إلى بؤر للأوبئة.

وأفادت مصادر محلية بأن جزءا من هذه المياه يضخ باتجاه البحر، الذي لجأ إلى سواحله أكثر من مليون نازح، مما يزيد من خطر انتشار الأمراض.

ويحذر خبراء صحة وبيئة من أن استمرار الأوضاع على هذا النحو ينذر بكارثة إنسانية حقيقية، داعين إلى تدخل عاجل لإنقاذ ما تبقى من مقومات الحياة في القطاع.

ومنذ 7 أكتوبر 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية بغزة، تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلفت الإبادة أكثر من 181 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال، فضلا عن دمار واسع.