يُعتبر أحمد عبد العزيز عز أحد أبرز رجال الأعمال والسياسيين في مصر المثار حولهم الجدل، حيث أسس إمبراطورية صناعية ضخمة في مجال الحديد والصلب، جعلت من شركاته أكبر منتج للحديد في الوطن العربي، متجاوزة حتى شركة سابك السعودية.
في الوقت نفسه، تثير شخصيته جدلاً واسعاً بسبب اتهامات بالفساد والاحتكار، وأحكام قضائية قبل أن تتصالح دولة الانقلاب العسكري معه.
ولد أحمد عز في القاهرة لعائلة كان والدها قد بدأ نشاطه التجاري في تجارة الحديد والخردة بدكان صغير في منطقة السبتية، معقل تجارة الخردة في القاهرة، تخرج من كلية الهندسة جامعة القاهرة في منتصف الثمانينيات، ودرس لفترة في ألمانيا قبل أن يعود إلى مصر ليبدأ مسيرته في الصناعة والتجارة.
في شبابه كان عز عازف درامز في فرقة موسيقية أثناء دراسته الجامعية، لكنه ترك المجال الموسيقي بسبب عدم ثقته في تحقيق مكاسب مالية منه، ليتجه إلى عالم الأعمال والصناعة.
أسس أحمد عز في أواخر الثمانينيات مصانع عز للسيراميك والحديد، ومن ثم توسع ليشمل عدة مصانع في مدن العاشر من رمضان، السادات، السويس، والإسكندرية، حيث استحوذ على شركة الإسكندرية الوطنية للحديد والصلب (المعروفة الآن باسم عز الدخيلة للصلب)، التي أصبحت أكبر منتج للحديد في الشرق الأوسط.
تضم مجموعة شركات عز الصناعية مصانع متعددة مثل عز الدخيلة للصلب، عز لحديد التسليح في مدينة السادات، عز لمسطحات الصلب في السويس، مصنع البركة في العاشر من رمضان، وشركة عز للتجارة الخارجية، بالإضافة إلى شركة عز للسيراميك والبورسلين "الجوهرة".
يحقق أحمد عز صافي أرباح سنوية من تجارة الحديد تتجاوز 5.3 مليار جنيه مصري، وتقدر ثروته بحوالي 18 مليار جنيه، معظمها في أصول وأسهم وليس نقدًا.
الانخراط السياسي والجدل
كان عز عضوًا بارزًا في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، حيث شغل منصب أمين التنظيم وعضو لجنة السياسات، كما كان عضوًا في مجلس الشعب المصري عن دائرة السادات منذ عام 2000.
استقال من منصبه في الحزب الوطني في يناير 2011 أثناء اندلاع ثورة 25 يناير، لكنه ظل شخصية مؤثرة في المشهد الاقتصادي والسياسي.
واجه عز اتهامات بالاحتكار والتلاعب بأسعار الحديد، حيث وصفته حركة "مواطنون ضد الغلاء" في 2010 بأنه "عدو المستهلكين رقم واحد في مصر" بسبب ممارساته الاحتكارية ومخالفته لقانون حماية المنافسة.
في مارس 2013، قضت محكمة جنايات الجيزة بسجن أحمد عز 37 عامًا في قضية الاستيلاء على أسهم شركة الدخيلة لتصنيع الحديد، متهمًا بالتربح والإضرار العمدي بالمال العام بما قيمته أكثر من 5 مليارات جنيه، كما ألزمت المحكمة عز برد مبالغ مالية تقدر بنحو 2.87 مليار جنيه.
في أغسطس 2014 خرج عز بكفالة مالية قدرها 250 مليون جنيه عن ثلاث قضايا كان متهمًا بها، وأعلن بعدها ترشحه للانتخابات البرلمانية لعام 2015، في أغسطس 2018 تم التصالح معه وإزالة اسمه من قوائم السفر.
الأحداث الأخيرة وتطورات شركة حديد عز
في مارس 2025، شهدت شركة حديد عز أزمة كبيرة بعد عطل في فرن الصهر الثاني بمصنعها في العين السخنة، مما أدى إلى تراجع سهم الشركة في البورصة بنسبة 9.33% وخسارة سوقية تقدر بـ5.8 مليار جنيه (117.9 مليون دولار)، هذا العطل أثر على إنتاجية المصنع بمقدار 1.6 مليون طن سنويًا، مع توقعات بامتداد الخسائر في سوق الحديد.
في خطوة لاحتواء الأزمة، أعلن أحمد عز شراء 156.5 مليون سهم من أسهم شركة حديد عز بقيمة إجمالية 21.6 مليار جنيه، في محاولة للسيطرة على الشركة واستقرار السوق.
كما تدرس شركاته دمج شركتي "عز الدخيلة" و"حديد عز" في كيان واحد بنظام مبادلة الأسهم، في خطوة لتعزيز الاستقرار المالي والتشغيلي للمجموعة.
ماذا يقول الاقتصاديون؟
وفق تحليل نشره موقع Middle East Eye، فإن "إمبراطورية عز تُعد نموذجًا مصغرًا للفشل الأوسع في الاقتصاد المصري، حيث تُمنح الامتيازات لرجال أعمال محددين على حساب الشفافية والكفاءة".
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي د. مصطفى شاهين إن "دور أحمد عز يعبّر عن سيطرة رأس المال السياسي على الاقتصاد، وهذه الصيغة لا تبني اقتصادًا تنافسيًا بل تعيد إنتاج الريع السياسي والاحتكار".
وفي مقابلة مع قناة DW الألمانية، اعتبر الباحث عمرو عدلي أن نموذج عز يمثل "فشل الدولة في بناء قاعدة إنتاج صناعي حقيقي، وأن أي تعطل في مصنع واحد لا يجب أن يهز اقتصاد دولة".
العطل في مصنع حديد عز لم يكن حادثًا تقنيًا بسيطًا، بل كشف هشاشة بنية اقتصادية تعتمد على خطوط إنتاج محددة وأفراد معينين.
انخفاض الإنتاج وأثره على السهم والأسعار أعادا التأكيد على هشاشة قطاع الصلب المصري، وعدم جاهزيته لمواجهة الصدمات.
الشركات الكبرى مثل "عز" تحاول الآن حماية رأس المال عبر delisting، لكن الوضع يعكس نقطة جوهرية؛ اقتصاد يتوقف بمصنع واحد، وسوق يسقط بأخبار عطل تقني.