أكد الخبير العسكري اللواء فايز الدويري أن ما يُعرف بـ"الغرف المحصنة" داخل الأبراج والمباني السكنية في إسرائيل لا يمكن تصنيفها كملاجئ حقيقية، بل هي أماكن مؤقتة للحماية قد تقي من الشظايا أو الانفجارات غير المباشرة، لكنها عاجزة تمامًا عن مقاومة الضربات الصاروخية المباشرة.

جاء هذا التقييم بعد إعلان القناة 12 الإسرائيلية عن نتائج تحقيق أولي كشف أن صاروخًا إيرانيًا أصاب بشكل مباشر ملجأ في مدينة بتاح تكفا، الواقعة شرقي تل أبيب، ما أسفر عن مقتل 3 إسرائيليين كانوا بداخله.

وفي تأكيد إضافي على خطورة الموقف، ذكرت قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية أن صاروخًا باليستيًا ثقيلًا اخترق الجدار الفاصل بين غرفتين محصنتين في المدينة ذاتها، مما أثار تساؤلات حول مدى فاعلية هذه المنشآت في ظل تصعيد المواجهة مع إيران.

اللواء الدويري أوضح -خلال مشاركته في تحليل المشهد العسكري في المنطقة- أن الملاجئ المحصنة فعليًا يجب أن تكون مبنية بشكل مستقل عن الأبراج السكنية، ويفضل أن تقع في الطابق الأرضي أو تحته، لضمان أكبر قدر ممكن من الحماية.

وأضاف أن الغرف المحصنة، وإن كانت توفر نسبيًا أمانًا أكبر من الغرف العادية، فإن قدرتها محدودة، وهي لا تستطيع الصمود أمام ضربة مباشرة لصاروخ ثقيل، بل تُصمم عادة لتحمي السكان من الشظايا والارتدادات الناتجة عن انفجارات على بُعد عشرات الأمتار.

وتكشف هذه الحادثة عن ثغرات كبيرة في البنية التحتية الدفاعية المدنية الإسرائيلية، خاصة مع تطور القدرات الصاروخية الإيرانية ودقتها، الأمر الذي قد يفرض على إسرائيل مراجعة سياساتها الدفاعية داخل المدن، لا سيما فيما يتعلق بأمان الملاجئ والغرف المحصنة.

شاهد:

https://www.facebook.com/watch/?v=1086389016693299

 

الملاجئ المحصنة

الملاجئ الإسرائيلية مبان من الخرسانة المسلحة والمعادن المصفحة يحتمي بها الإسرائيليون عند دوي صفارات الإنذار، وتتنوع بين ملاجئ خاصة في المنازل وأخرى مشتركة في العمارات السكنية، إضافة إلى الملاجئ العامة.

تزامن إنشاؤها مع إعلان قيام دولة الاحتلال عام 1948، وابتداء من مطلع الخمسينيات من القرن الـ20 ألزم قانون الدفاع المدني الإسرائيلي بإنشاء ملاجئ عامة في جميع المدن والقرى، وبعد الهجوم الصاروخي العراقي عام 1991 أصبح المقاولون والمطورون العقاريون ملزمين بإنشاء ملجأ في كل منزل جديد.

ويشهد الرأي العام الإسرائيلي جدلا مستمرا حول مدى الحماية التي توفرها الملاجئ، خصوصا أن 65% فقط هم من يستطيعون الوصول إليها، ورغم التحصينات لا يستبعد بعض المسؤولين الأمنيين أن تتسبب الضربات المباشرة للملاجئ في قتل من بداخلها.

 

خط الدفاع الأخير

يعتبر الإسرائيليون الملاجئ خط الدفاع الأخير أثناء الحرب بعد منظومة الدفاع الجوي ذات المستويات المتعددة والمخصصة لاعتراض الهجمات الصاروخية داخل وخارج الغلاف الجوي.

وتنظم الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي تدريبات دورية للسكان حول التصرف عند دوي صفارات الإنذار وكيفية الولوج إلى الملاجئ والمدد الكافية حسب كل منطقة للوصول إلى الملجأ الأقرب، والتصرف في حال عدم توفر ملجأ قريب.

وتتضمن توصيات قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية تخزين كميات من المياه والأطعمة والمستلزمات الطبية الأساسية تكفي لعدة أيام في الملاجئ الخاصة والمشتركة، بينما توفر الملاجئ العامة المياه فقط.

وحسب المدينة والموقع تتراوح المدة المتاحة للعثور على الملاجئ الأقرب ودخولها ما بين 10 ثوان و60 ثانية بعد دوي صفارات الإنذار.

وتعكس خارطة انتشار الملاجئ في إسرائيل أحد عناوين التمييز بين السكان، فالمناطق التي يسكنها العرب الفلسطينيون (فلسطينيو الـ48) شبه خالية منها، وفي بعض الوقائع سقطت قذائف وشظايا على هذه المناطق دون أن تدوي صفارات الإنذار.

بل إن إسرائيل تصنف العديد من القرى العربية مناطق مفتوحة، ومن ثم تعتبرها مواقع مثالية لاعتراض وإسقاط الصواريخ.

 

المواصفات الهندسية للتحصينات والملاجئ

أما بالنسبة للمواصفات الهندسية للتحصينات والملاجئ التقليدية، فإن سمك جدارها يكون مضاعفًا، وتكون مصفحة بطبقات حديدية وأسقفها بسمك 120 سنتيمترا.

ووفق الدويري، فإن هذه المواصفات تكون في مواقع عسكرية ومنشآت منفردة وفي عمق الجبال ويتم تغطيتها بمواد الردم، و"ليست غرفة محصنة داخل البنايات مهما كانت مواصفاتها".

وتعرف الغرفة المحصنة زيادة في سمك جدرانها (30 سنتيمترا وفق المقاييس الهندسية)، وكذلك تُبنى من الخرسانة المسلحة بدلا من الطوب المفرغ، وكذلك يكون سمك السقف مضاعفا، حسب الدويري.

وعند وقوع إصابات مباشرة للأماكن المحصنة، شدد الخبير العسكري على ضرورة الحديث عن قدرة الصواريخ على الاختراق، إذ توجد صواريخ برؤوس حربية تخترق أكثر من 120 سنتيمترا من الخرسانة، وهناك أيضا قنابل خارقة للتحصينات.

وأكد أن بعض الصواريخ تخترق التحصينات إذا استخدمت فيها فيوزات لديها القدرة على اختراق طبقات من الإسمنت وليست طبقة واحدة فحسب.

بدورها، نقلت صحيفة معاريف عن المتحدث باسم الإسعاف الإسرائيلي قوله إن الملاجئ ربما لا تصمد في وجه الصواريخ.

وأفاد مراسل شبكة الجزيرة في فلسطين محمد خيري، أن هناك نوعين من الملاجئ في إسرائيل، أولها ملاجئ تحت الأرض تابعة للبلديات والحكومة الإسرائيلية.

والنوع الثاني يوجد في المنازل الحديثة على شكل ملجأ محصن داخل المبنى نفسه، ويُبنى وفق معايير حديثة بإضافة كثير من الإسمنت لمنع وصول الصواريخ.

 

نصف الملاجئ غير جاهزة

حسب الإحصائيات الرسمية في 2020، فإن الحكومة الإسرائيلية نجحت في تأمين ملاجئ لنحو 6 ملايين فرد من أصل 9 ملايين هم مجموع السكان، وهو ما يعني أن أكثر من الثلث لا يملكون ملاجئ في منازلهم وليسوا على مقربة من ملاجئ عامة.

ورغم مرور أكثر من 3 عقود على إلزامية بناء الملاجئ في كل منزل، تؤكد المعطيات الرسمية أن 65% فقط من الإسرائيليين لديهم ملاجئ، كما أن غالبية المنازل التي أقيمت قبل 1990 لا تتوفر على ملاجئ.

وتلجأ الجبهة الداخلية الإسرائيلية في بعض الأحيان إلى الاستعانة بمواقف السيارات تحت الأرض في المجمعات التجارية والمستشفيات للتغلب على النقص في الملاجئ.

ورغم أن إسرائيل تتحدث عن إجراء تدقيق كل 3 سنوات لفحص جاهزية الملاجئ للحرب، فإن الوقائع تكشف اختلالات كبرى، وضعفا في الاستجابة للتهديدات.

فقد أظهرت تقديرات عقب عملية طوفان الأقصى أن أكثر من 50% من الملاجئ العامة غير جاهزة لحماية الإسرائيليين في حالة الطوارئ، وفق صحيفة "غلوبس" الاقتصادية.