ارتفعت أسعار التأمين البحري للسفن العابرة لمضيق هرمز بنسبة تزيد عن 60% منذ اندلاع الحرب بين الاحتلال الاسرائيلي وإيران، ما يعكس القلق العالمي المتزايد من تفاقم التوتر في أحد أهم الممرات الحيوية لشحن النفط في العالم.

فمع دخول الحرب أسبوعها الثاني، تتزايد المخاوف من تحوّل المضيق إلى ساحة اشتباك مباشرة أو غير مباشرة، خاصة في ظل تنامي التهديدات الأمنية من الحوثيين المدعومين من إيران، واحتمالات التداخل الإلكتروني، وهجمات الطائرات المسيّرة.

وبحسب صحيفة فاينانشال تايمز، فقد ارتفعت تكلفة تأمين هياكل السفن وآلاتها المارة عبر المضيق من 0.125% إلى نحو 0.2% من قيمة السفينة، وفقًا لبيانات شركة "مارش ماكلينان"، أكبر وسطاء التأمين في العالم. ما يعني أن تكلفة تغطية سفينة بقيمة 100 مليون دولار قفزت من 125 ألف دولار إلى 200 ألف دولار في أيام معدودة فقط.
 

قلق السوق
   لم تُضرب سفينة بعد لكن الخطر يلوح في الأفق
ورغم أن أياً من السفن لم تتعرض حتى الآن لهجوم مباشر في الخليج العربي منذ اندلاع الحرب، إلا أن "شعور السوق بالقلق العميق بشأن سلامة الشحن في المنطقة" هو ما يدفع الأسعار إلى التصاعد، حسبما قال ماركوس بيكر، الرئيس العالمي للتأمين البحري في مارش ماكلينان.

وأكد بيكر أن شركات التأمين تنظر بعين القلق إلى احتمال توسّع دائرة هجمات الحوثيين لتشمل سفنًا لا تحمل أعلامًا أمريكية أو بريطانية أو إسرائيلية، ما يجعل كل سفينة تمر عبر المضيق في موضع الخطر.
 

حوادث غامضة ومؤشرات تدخل إلكتروني
   وقد زاد الغموض بعد حادث تصادم بين ناقلتي نفط قرب مضيق هرمز يوم الاثنين الماضي، حيث لم تُعرف أسباب الحادث بعد، لكن إحدى السفينتين أرسلت إشارات غير مألوفة بشأن موقعها، ما أثار شبهات بشأن تدخل إلكتروني أو تعرّضها لهجوم سيبراني.

مثل هذه الحوادث تزيد من توتر شركات الملاحة والتأمين، وتعيد إلى الأذهان الحوادث الغامضة التي استهدفت ناقلات نفط قبالة السواحل الإماراتية في السنوات الأخيرة، والتي لم تُحسم المسؤولية عنها بشكل قاطع.
 

أسعار التأمين على الشحنات مرشحة للارتفاع
   ورجّح عدد من وسطاء التأمين أن ترتفع أيضًا أسعار التأمين على الشحنات – بما في ذلك النفط الخام – لكنها تستجيب ببطء نسبي مقارنة بتأمين الهياكل والآلات.
إلا أن الاتجاه الصاعد للأسعار بات مؤكدًا في حال استمر التصعيد أو وقعت حوادث مباشرة.

وفي هذا السياق، أشار بيكر إلى أن بعض شركات التأمين قد تفضل التراجع عن تقديم التغطية خوفًا من الخسائر، في حين ترى أخرى أن في هذه الفوضى فرصة ذهبية للربح، موضحًا أن "منتج الحرب في عالم التأمين إما أن يجعلك تجني ثروة أو تخسر كل شيء".
 

مضيق هرمز.. شريان الطاقة العالمي
   يمر عبر مضيق هرمز نحو ثلث النفط المنقول بحرًا في العالم، ما يجعله من أبرز النقاط الحساسة لأي اضطرابات جيوسياسية في المنطقة.
وفي ظل الحرب الحالية، عاد شبح إغلاق المضيق ليخيّم على أسواق الطاقة العالمية، رغم أن إيران لم تلوّح رسميًا بهذه الورقة حتى الآن.

وتراقب الأسواق الدولية تطورات الصراع عن كثب، مع خشية من أن أي تصعيد مباشر أو هجوم فعلي قد يرفع أسعار النفط والغاز إلى مستويات غير مسبوقة، ويخلخل سلاسل الإمداد العالمية في لحظة حساسة للاقتصاد العالمي.