في خضم اليوم السادس من الحرب بين الاحتلال الاسرائيلي وإيران، يواجه الاقتصاد الإسرائيلي أزمة غير مسبوقة، حيث تتفاقم الخسائر بوتيرة متسارعة، وتتآكل الثقة في الاستقرار.
الأسواق تعاني من شح البضائع، الأسعار ترتفع بشكل صاروخي، والقطاعات الحيوية مثل الإنشاءات والسياحة والطاقة تترنح تحت وطأة الضربات الإيرانية والتداعيات الداخلية.
تقارير إسرائيلية رسمية وتحليلات اقتصادية تكشف عن أرقام كارثية، ترسم صورة قاتمة لمستقبل اقتصاد تل أبيب، خاصة إذا استمرت الحرب في مسارها الاستنزافي.
 

ضربات متتالية للاقتصاد الإسرائيلي
   منذ اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر 2023، تلقى الاقتصاد الإسرائيلي ضربات موجعة، لكن الحرب مع إيران فتحت جبهة جديدة من التحديات.
الإنفاق العسكري الضخم، الذي بلغ 18.8 مليار شيكل (حوالي 5 مليارات دولار) في الأيام الخمسة الأولى فقط، استنزف الموازنة الإسرائيلية المرهقة أصلاً.

وزير المالية بيتسلئيل سموتريتش أكد أن الحكومة خصصت ميزانية طارئة لمواجهة إيران، لكن الاحتياطات المالية تكاد تكون منعدمة، مما ينذر بأزمة مالية خطيرة.
 

الإنفاق العسكري: 

  • 600 مليون شيكل يوميًا تُنفق على تعبئة عشرات الآلاف من الجنود، بما في ذلك 300 شيكل يوميًا لكل جندي احتياط.  
  • صواريخ الحيتس 3، التي تُكلف الواحد منها 10 ملايين شيكل، استُهلك منها أكثر من 1000 صاروخ، بتكلفة إجمالية تتجاوز 10 مليارات شيكل.  
  • تكاليف الطيران والذخائر: ساعة طيران واحدة تُكلف 25 ألف دولار، والذخيرة تصل تكلفتها إلى نصف مليون دولار للوحدة، مع استهلاك أكثر من 1000 وحدة حتى الآن.

الجنرال رام أميناخ، المستشار المالي السابق للجيش، حذر من أن التكلفة العسكرية لعام 2025 قد تصل إلى 200 مليار شيكل (57 مليار دولار)، مع تضاعف التكاليف المباشرة من 5.5 مليار إلى 9.5 مليار شيكل في أيام معدودة.
هذه الأرقام لا تشمل الأضرار غير المباشرة، مثل فقدان الإنتاج وإغلاق الأسواق، التي تُكلف الاقتصاد 100 مليون شيقل يوميًا.
 

أسواق خاوية وأسعار متصاعدة
   تشهد الأسواق الإسرائيلية شحًا حادًا في المواد الغذائية، حيث توقف الاستيراد بسبب إغلاق المجال الجوي وتعليق الشحن البحري.

  • مراكز التسوق الكبرى، مثل "كيريون" و"رمات أفيف مول"، أغلقت أبوابها بسبب المخاطر الأمنية، تاركة مئات الآلاف من الإسرائيليين في طوابير طويلة أمام المتاجر القليلة المفتوحة.  
  • المياه المعدنية، المنتج الأكثر طلبًا في ظل حرارة الصيف، تنفد من الرفوف في دقائق.  
  • الدجاج والحليب يعانيان من نقص حاد بسبب تقليص الإنتاج وصعوبات الإمداد.  
  • ارتفاع الأسعار: زاد الإنفاق على الغذاء بنسبة 55%، بينما انخفض الإنفاق العام بنسبة 11.9%، مما يعكس حالة الذعر بين المستهلكين.
  • شركة "شيبا"، المسؤولة عن نظام الدفع بالبطاقات، سجلت انخفاضًا بقيمة 1.3 مليار شيكل في الإنفاق العام، بينما توقفت الطلبات عبر الإنترنت من الخارج بسبب إغلاق المجال الجوي وتوقف البريد.
     

قطاع الإنشاءات على شفا الانهيار
   كشفت الضربات الصاروخية الإيرانية عن هشاشة البنية التحتية الإسرائيلية. أبراج تل أبيب الحديثة ومباني الضواحي، مثل بات يام وريشون ليتسيون، تعرضت لأضرار جسيمة.
تقرير مراقب الدولة يكشف أن:

  • 5 آلاف مبنى مصنف كـ"خطير"، و56% من الشقق (1.67 مليون شقة) غير محمية من الصواريخ. 
  • 1500 منزل وشقة تضررت في 4 أيام فقط، بتكلفة تتجاوز مليار شيكل.
  • 10 آلاف طلب تعويض قُدمت لسلطة ضريبة الأملاك، مع توقعات بزيادة الرقم.  
  • البنية التحتية العامة، بما في ذلك الطرق والمدارس، تضررت بشدة، مما يفاقم الأزمة.

ليئال كيزر، محررة الشؤون الاقتصادية في قناة "كان"، وصفت الأضرار بأنها "غير مسبوقة"، محذرة من أن التكاليف قد تصل إلى 10 مليارات شيكل إذا استمرت الحرب. المقاولون يحذرون من أزمة متصاعدة، خاصة مع تعرض المباني القديمة لخطر الانهيار.
 

قطاع الطاقة يتعرض لضربة قاصمة

  • تعرضت مصفاة "بازان" في حيفا، التي تُنتج نصف وقود النقل في إسرائيل، لقصف إيراني أدى إلى توقف عملياتها بالكامل.
  • كما تضررت خطوط أنابيب النفط والغاز، مما يهدد إمدادات الطاقة. 
  • حقول الغاز (ليفياثان، تمار، كاريش) تواجه مخاطر التوقف، مما يكبد إسرائيل مئات الملايين أسبوعيًا.  
  • إغلاق محتمل لمضيق هرمز سيؤثر على ثلث تجارة النفط العالمية، مما يرفع أسعار الوقود ويعمق الأزمة.  
  • توقف الشحن البحري في موانئ حيفا وأسدود يهدد التجارة الخارجية، مع ارتفاع تكاليف التأمين البحري.
     

السياحة وصناعة الطيران في حالة شلل
   مع إغلاق المجال الجوي وتوقف الرحلات الجوية، يعاني قطاع السياحة من انهيار تام. مطار بن غوريون، الذي كان يستقبل 3 ملايين سائح سنويًا، أصبح معزولًا، مما أدى إلى: 

  • إلغاء حجوزات فندقية بعشرات الآلاف.  
  • تسريح محتمل لمئات الموظفين في شركات السياحة.  
  • ارتفاع أسعار التذاكر 7 أضعاف، مما يشل حركة الأعمال والأكاديميين.

شيرلي كوهين أوراكفي، رئيسة وكالة "إيشت تورز"، وصفت الوضع بـ"الفوضى"، مشيرة إلى غياب خطط حكومية واضحة. عضو الكنيست عوديد فورير حذر من أن أزمة الطيران تهدد بانهيار الصناعة بأكملها.
 

الشركات الصغيرة على حافة الإفلاس
تواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تشكل العمود الفقري للاقتصاد، تحديات غير مسبوقة: 

  • نقص الموظفين بسبب تعبئة الاحتياط.  
  • انخفاض الطلب وصعوبات لوجستية مع الموردين.  
  • ارتفاع الأسعار وسط مخاوف من استغلال الأزمة من قبل بعض التجار.
     

توقعات كارثية
الخبراء الاقتصاديون يحذرون من أن استمرار الحرب سيؤدي إلى: 

  • تخفيض التصنيف الائتماني من وكالات مثل "موديز" و"ستاندرد آند بورز".  
  • زيادة العجز المالي، الذي بلغ 5% من الناتج المحلي الإجمالي.  
  • ارتفاع التضخم إلى 2.5%، مع ضعف الشيقل وارتفاع أسعار الوقود.  
  • تراكم الديون وانخفاض الاستثمارات الأجنبية.

فيكتور بيهار، كبير الاقتصاديين في بنك "هبوعليم"، أكد أن "إسرائيل تواجه مزيجًا من المخاطر"، بينما حذر رونين مناحيم من أن استمرار الحرب سيقلل الإنتاج ويزيد الضغوط التضخمية.