نقل موقع دويتشه فيله أن المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي قال في خطاب متلفز هذا الأسبوع: "لن تستسلم إيران، وستواصل الدفاع عن نفسها"، وذلك بعد تصعيد عسكري شهد ضربات إسرائيلية وردوداً إيرانية متتالية.

لم يُكشف عن موقع خامنئي، بينما تداولت مصادر في الولايات المتحدة وإسرائيل احتمال استهدافه شخصياً بضربة جوية. في حال اغتياله، سيلحق بعدد من كبار قادة النظام الذين فقدوا حياتهم مؤخراً، ما أثار تساؤلات في الداخل الإيراني حول قدرة النظام على حماية قياداته، فضلاً عن حدوده.

وصف الخبير الإيراني المنفي مجيد غولبور، في حديث إلى دويتشه فيله، النظام بأنه "غير فعّال بشكل مطلق"، وأضاف: "رغم كل ما يقال عن الدفاع الصاروخي وحماية المراكز القيادية، فإن هذا العجز صار واضحاً أمام الشعب".

هل يؤدي الضعف إلى انهيار النظام؟

ربط جولبور احتمالية سقوط النظام بوجود بديل سياسي منظم، قائلاً: "اللحظة الحالية تحتاج ميثاقاً مشتركاً بين القوى السياسية، يواجه النظام من جهة، ويضع موقفاً موحداً تجاه التهديدات الخارجية من جهة أخرى، لكن المعارضة لا تزال تفتقر إلى الخطط، والتحالفات الفعالة، والبنى القادرة على العمل داخل البلاد".

معارضة منقسمة داخل وخارج إيران

يصعب توحيد المعارضة حتى في الخارج، إذ تنقسم إلى تيارات مختلفة. إحدى الفصائل تنظر إلى رضا بهلوي، نجل الشاه المخلوع، كرمز لوحدة وطنية أو كخيار مؤقت للحكم. يعيش بهلوي منذ عقود في الولايات المتحدة، ويحاول منذ سنوات تقديم نفسه كقائد معارض للجمهورية الإسلامية، دون أن يمتلك تنظيماً نشطاً داخل إيران.

يعاني كل صوت معارض في الداخل من القمع، إذ تسارع السلطات إلى تشويه سمعته، واعتقاله، والحكم عليه بالسجن لفترات طويلة، ما يعرقل بناء أي بديل حقيقي.

هل يفتح الفراغ السياسي الباب للتغيير؟

ترى الباحثة في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، شكریة برادوست، أن ضعف النظام الحالي قد يُنتج فراغاً سياسياً، يتيح للمعارضة إطلاق احتجاجات وإضرابات واسعة، ربما تُحدث تغييراً ملموساً.

لكنها تشير إلى أهمية اللحظة الوطنية في زمن الحرب، حيث يزداد شعور المواطنين بالانتماء. وقد ساعد هذا الشعور النظام الإسلامي في الصمود بعد ثورة 1979، وعند اندلاع الحرب العراقية الإيرانية في 1980، حين توحّد الناس خلف الوطن وصمدوا لثماني سنوات رغم الخسائر الهائلة.

النظام يحاول اللعب على وتر الوطنية

تُوظف القيادة الإيرانية حالياً هذا الحس الوطني لمحاولة حشد الشعب مجدداً، مع تراجع فعالية شعارات "الأمة الإسلامية" في الداخل. قال الصحفي والباحث السياسي شهران طبري لدويتشه فيله: "لم يعد الإيرانيون يرون أنفسهم كجزء من أمة إسلامية، بل كمواطنين ينتمون لدولة، ولن تنطلي عليهم محاولات إثارة الوطنية المصطنعة".

ورغم ذلك، يصعب معرفة الشعور الحقيقي لدى عامة الإيرانيين، وسط الخوف والغضب الناتج عن تصعيد عسكري لا يملكون قرار دخوله.

دعوات للتهدئة من شخصيات بارزة

طالبت الناشطة الإيرانية الحائزة على جائزة نوبل للسلام، نرجس محمدي، في رسالة مصورة نُشرت عبر شبكة سي إن إن، بوقف الهجمات. وجهت مناشدة إلى إسرائيل بوقف الضربات، ودعت إلى هدنة شاملة في المنطقة. كما خاطبت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مطالبة بعدم الانضمام إلى الحرب، بل بالسعي لوقفها.

الغرب منقسم... ولا خطة واضحة

لا يظهر في الأفق موقف موحد من الغرب تجاه إيران، إذ تنقسم الآراء داخل الولايات المتحدة نفسها. دعا بعض السياسيين، مثل مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون، إلى تدخل عسكري مباشر، في حين يتردد الرئيس دونالد ترامب في اتخاذ مثل هذا القرار في الوقت الحالي.

وفي خضم هذه الانقسامات، وجّه رضا بهلوي دعوة إلى المجتمع الدولي لدعم الشعب الإيراني، دون أن يطرح خطة واضحة لكيفية التحول السياسي في البلاد.

المشهد لا يزال ضبابياً

لا تُظهر المعطيات الحالية وضوحاً في المسار الذي قد تسلكه إيران، خاصة في ظل غياب تنظيم داخلي قوي للمعارضة، وانقسام قواها في الخارج، وتمسك النظام بشعاراته الدفاعية القديمة، رغم تصدّعه المتزايد.

ومع تزايد الضغوط من الداخل والخارج، قد يُمهّد التوتر الحالي لتحول سياسي، لكنه لن يحدث تلقائياً دون مشروع وطني واضح المعالم.
 

https://www.dw.com/en/iran-can-war-with-israel-trigger-regime-change/a-72988384