نشر موقع عرب نيوز بتاريخ 21 يونيو 2025 مقالاً للكاتب ميجيل حدشيتي بعنوان "لماذا لا يستطيع العالم تحمّل حصار في مضيق هرمز"، ناقش فيه التداعيات الاقتصادية والجيوسياسية المحتملة لأي محاولة لإغلاق هذا الممر المائي الحيوي، في ظل تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل واحتمال انخراط الولايات المتحدة عسكريًا.

يشكل مضيق هرمز، الذي يبلغ عرضه 33 كيلومترًا ويفصل بين عمان وإيران، شريانًا حيويًا ينقل خُمس إمدادات النفط العالمية يوميًا. حذر محللون عرب نيوز من أن أي تصعيد إضافي قد يدفع إيران إلى تهديد الملاحة فيه، ما يهدد الاقتصاد العالمي بأزمة طاقة جديدة.

أطلقت إسرائيل ضربات على مواقع إيرانية منذ 13 يونيو، ما تسبب في سقوط مئات القتلى، ومع ازدياد الحديث عن احتمال تدخل أمريكي مباشر إلى جانب إسرائيل، ارتفعت أسعار النفط بشكل حاد. اعتبر المحلل الجيوسياسي السعودي سلمان الأنصاري أن المضيق ليس مجرد ممر مائي، بل هو "شريان الطاقة العالمي"، وأن أي إغلاق له سيخلق سلسلة من الأزمات لا تستطيع الأسواق تحملها.

تشير بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إلى أن نحو 20 مليون برميل من النفط تمر عبر المضيق يوميًا، إلى جانب خُمس تجارة الغاز المسال، مع اعتماد دول آسيوية كالصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية على هذه الشحنات.

أظهرت قفزة أسعار خام برنت من 69 إلى 74 دولارًا في يوم واحد عقب الضربات الإيرانية لإسرائيل مدى حساسية الأسواق. يرى أستاذ الاقتصاد اللبناني جاسم عجاقة أن مجرد التهديد بإغلاق المضيق كفيل برفع الأسعار إلى أكثر من 100 دولار للبرميل، مما يطلق موجات تضخمية واسعة تؤثر في أسعار معظم السلع والخدمات عالميًا.

شرح عجاقة أن ارتفاع أسعار النفط سيُربك السياسات النقدية عالميًا، حيث تواجه البنوك المركزية معضلة بشأن أسعار الفائدة، إضافة إلى زيادة تكاليف التأمين وتهديد سلاسل الإمداد. في لبنان، مثلًا، قد يتسبب ذلك بانقطاع تام للكهرباء بسبب اعتماد البلاد على الوقود العراقي.

نقلت السعودية، المصدر الأكبر عالميًا للنفط، نحو 5.5 مليون برميل يوميًا عبر المضيق العام الماضي. تمتلك المملكة خط أنابيب بديلًا باتجاه البحر الأحمر، لكنه يعمل حاليًا بأقصى طاقته بسبب الهجمات الحوثية. كما يستخدم خط الفجيرة الإماراتي بطاقة شبه كاملة، في حين أن خط "غوره-جاسك" الإيراني شبه متوقف.

تُظهر البيانات أن السعودية والإمارات يمكنهما فقط تحويل 2.6 مليون برميل يوميًا، مقارنة بـ20 مليون تمر عادة عبر المضيق. وفي حال استمر الإغلاق لفترة طويلة، رجّح عجاقة أن تواجه ميزانيات دول الخليج عجزًا كبيرًا بسبب تراجع الإيرادات.

أوضح الأنصاري أن إغلاق المضيق سيعطّل طرق التجارة العالمية ويخنق الإمدادات، مما يؤدي إلى ركود اقتصادي من آسيا إلى أوروبا. تعتمد الصين على المضيق لنصف وارداتها النفطية، وتواجه دول آسيوية أخرى مثل الهند واليابان نقصًا حادًا يجبرها على السحب من احتياطاتها الاستراتيجية، بينما تتضاعف تكاليف الشحن مع اضطرار الناقلات لسلوك طرق أطول حول أفريقيا.

رغم أن الولايات المتحدة تستورد فقط نصف مليون برميل يوميًا من الخليج، أي ما يعادل 7٪ من وارداتها، إلا أنها ستتأثر بأسعار السوق المرتفعة عالميًا. أشار الأنصاري إلى أن المسألة لا تتعلق بالنفط وحده، بل بـ"التوازن الهش الذي يحافظ على استقرار الأسواق وحركة المجتمعات".

رغم اعتماد إيران على المضيق لتصدير نفطها، فقد ألمح نواب إيرانيون إلى أن خيار الإغلاق لا يزال مطروحًا، خصوصًا إذا تدخلت واشنطن عسكريًا دعمًا لإسرائيل. حذّر عجاقة من أن إيران ستخسر اقتصاديًا وعسكريًا إذا أقدمت على هذه الخطوة، ما لم تشعر بأن نظامها في خطر وجودي.

ذكّر المقال بأن أحداثًا سابقة، مثل هجمات 2019 على منشآت سعودية، تسببت بقطع 5٪ من إمدادات النفط العالمية، ما يدل على حساسية الأسواق. ووفقًا لعجاقة، فإن أي إغلاق للمضيق سيدفع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إلى تدخل عسكري.

أفادت نيويورك تايمز في 17 يونيو بأن إيران نشرت صواريخ استعدادًا لمهاجمة قواعد أمريكية، وربما تلجأ إلى زرع ألغام في المضيق، ما يعقد حركة السفن. أشار عجاقة إلى أن الدول الغربية والآسيوية قد تلجأ إلى السحب من احتياطاتها النفطية، إلا أن ذلك لن يصمد طويلًا في ظل بلوغ الإنتاج العالمي غير المنتمي لأوبك حده الأقصى.

اقترح ختامًا أن تزيد الدول المنتجة للنفط إنتاجها، وربما تخفف واشنطن القيود المفروضة على دول كفنزويلا لتوسيع المعروض. لكن يبقى أن أمن الخليج العربي هو الضامن الأساسي لاستقرار أسواق الطاقة.


https://www.arabnews.com/node/2605319/business-economy