بعد اثني عشر يومًا من أعنف تصعيد عسكري مباشر بين إسرائيل وإيران، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب صباح الثلاثاء دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين الجانبين حيز التنفيذ، في خطوة وصفها بأنها "تاريخية"، بينما سادت أجواء من الحذر والدمار على الأرض، خصوصًا في مدينة بئر السبع التي تلقت "الضربة الإيرانية الأخيرة".

وجاء إعلان ترامب عبر منشور على منصته "تروث سوشيال"، قال فيه: "وقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ الآن، الرجاء عدم انتهاكه"، مضيفًا أن "إسرائيل وإيران جاءتا في الوقت نفسه تطلبان السلام"، في مشهد شبهه بـ"نهاية نزاع طويل". وأكد ترامب في مقابلة لاحقة مع قناة NBC أن الاتفاق "غير محدود وسيستمر إلى الأبد"، مؤكدًا أن "العالم والشرق الأوسط هما الرابحان الحقيقيان".

 

وقف إطلاق نار... على أنقاض المواجهة الكبرى
بحسب هيئة البث الإسرائيلية ووكالة "الأناضول" نقلاً عن وسائل إعلام إيرانية، بدأ سريان وقف إطلاق النار صباح اليوم، بعد ليلة وصفتها الجبهة الداخلية الإسرائيلية بأنها "الأعنف على الإطلاق" خلال التصعيد. وشهدت خلالها إسرائيل ضربات صاروخية غير مسبوقة من إيران، دفعت الحكومة الإسرائيلية إلى قبول الاقتراح الأميركي بوقف الحرب.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن تل أبيب "حققت أهدافها"، وفي مقدمتها القضاء على التهديد النووي الإيراني، موجهًا الشكر لترامب على ما وصفه بـ"الدعم الكامل" خلال العمليات الدفاعية والهجومية.

في المقابل، أعلنت طهران أن العملية العسكرية التي حملت اسم "بشارة الفتح" قد حققت أهدافها بالكامل، معتبرة أن إيران "فرضت وقف إطلاق النار من موقع القوة"، بحسب التلفزيون الرسمي.

وأكد وزير الخارجية عباس عراقتشي أن طهران "لن تستمر في القتال إذا توقفت إسرائيل عن مهاجمة الشعب الإيراني"، مهددًا باستئناف الرد إذا تم خرق الاتفاق.

 

الطلقة الأخيرة... سبعة قتلى في بئر السبع
الضربة الإيرانية الأخيرة قبل بدء وقف النار كانت الأعنف، إذ قصفت طهران بصاروخ بعيد المدى مبنى سكنيًا مكونًا من سبعة طوابق في مدينة بئر السبع جنوب فلسطين المحتلة، ما أدى إلى مقتل 7 أشخاص وإصابة العشرات، وسط دمار واسع بالمبنى والمناطق المحيطة.

ووصفت وسائل إعلام إسرائيلية الانفجار بأنه "الأكبر منذ بدء الحرب"، بينما دفعت موجات القصف المتتالية—والتي بلغت خمسًا خلال أقل من ساعة—الملايين من الإسرائيليين إلى الملاجئ. ودوّت صفارات الإنذار في عموم فلسطين المحتلة من إيلات وديمونا جنوبًا إلى المطلة شمالًا.

وأكد جيش الاحتلال الإسرائيلي أن الهجمات الصاروخية جاءت من إيران، بشكل مباشر، واستهدفت الشمال والوسط والجنوب في وقت متزامن، ما شكّل ضغطًا هائلًا على منظومات الدفاع الجوي رغم تدخل الولايات المتحدة بقوة في الأيام الماضية.

 

ضربة أميركية سبقت التهدئة: "إيران لم تعد نووية"
سبق وقف إطلاق النار عمليات عسكرية مركزة من الولايات المتحدة استهدفت البنية التحتية النووية الإيرانية. وصرّح جيه دي فانس، نائب الرئيس الأميركي، أن "إيران لم تعد قادرة على تصنيع سلاح نووي بعد أن دمرنا قدراتها"، في مقابلة مع قناة FOX News.

وأضاف فانس: "كانت إيران على وشك امتلاك سلاح نووي، والآن أصبحت عاجزة تمامًا بسبب العمليات التي شاركت فيها قواتنا الجوية".

 

اغتيال العلماء... وردّ طهران
الحرب التي بدأت بهجوم مباغت من إسرائيل ضد مواقع نووية وعسكرية إيرانية، استهدفت كبار قادة الحرس الثوري، وعلى رأسهم رئيس الأركان وقادة برامج الصواريخ، بالإضافة إلى العالم النووي محمد رضا صديقي الذي اغتيل مؤخرًا في طهران.

وردّت طهران بموجات صاروخية وهجمات بالطائرات المسيّرة على تل أبيب ومدن كبرى، في تصعيد غير مسبوق قالت إنه جاء ردًا على "العدوان الأميركي – الإسرائيلي المشترك"، مؤكدة أن الضربة الأخيرة في بئر السبع كانت بمثابة "خاتمة نارية تفرض شروط التهدئة".

 

هدوء حذر وقلق إقليمي
مع دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، يسود الترقب والحذر في عموم المنطقة، وسط دعوات دولية إلى تثبيت الهدنة ومنع اندلاع جولة جديدة من التصعيد.

البيت الأبيض أعلن أن ترامب يخطط لإيفاد مبعوث خاص إلى المنطقة لتثبيت الاتفاق، فيما أعلنت الأمم المتحدة أنها "تراقب الوضع عن كثب".

في طهران، خرجت حشود في بعض المدن تحتفل بـ"النصر الاستراتيجي"، بينما أكدت وسائل إعلام حكومية أن البلاد "أثبتت قدرتها على الردع الفوري والفاعل ضد أي تهديد".

في المقابل، شهدت مدن إسرائيلية احتجاجات تطالب بمحاسبة القيادات الأمنية والعسكرية على "الفشل في حماية الجبهة الداخلية"، خصوصًا في ظل الأضرار الواسعة التي لحقت بالبنية التحتية.