أعلنت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي بحكومة السيسي، أمس الاثنين، عن تراجع نشاط قناة السويس خلال الربع الثالث من العام المالي 2024-2025، حيث انخفضت حركة الملاحة بنسبة 23.1%.
وأرجعت الوزارة هذا التراجع إلى استمرار التوترات الجيوسياسية في البحر الأحمر، التي انعكست سلبًا على أعداد السفن العابرة للقناة، وبالتالي على الإيرادات المحققة خلال تلك الفترة.
من جانبها، أوضحت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية بحكومة السيسي، الدكتورة رانيا المشاط، أن معدل الانخفاض المسجّل يُعد أقل حدة مقارنة بالربع نفسه من العام المالي السابق، الذي شهد تراجعًا أكثر حدة بلغت نسبته 51.6%، ما يشير إلى بوادر تحسن نسبي في الأداء رغم استمرار التحديات الإقليمية.
تراجع عائدات قناة السويس بنسبة 23.5%
كانت تقارير هيئة قناة السويس قد أشارت إلى أن إيرادات القناة هبطت إلى 7.2 مليار دولار في العام المالي المنتهي في يونيو 2024، مقارنة بـ9.4 مليار دولار في العام المالي 2022 – 2023، ما يمثل انخفاضا نسبته 23.5%.
وبحسب رئيس الهيئة الفريق أسامة ربيع، فإن التوترات في البحر الأحمر دفعت العديد من مشغلي السفن إلى تجنّب المرور عبر القناة، واتخاذ مسارات بديلة أكثر أمنًا.
أزمة البحر الأحمر
وتضامنًا مع قطاع غزة الذي يواجه حربا إسرائيلية مدمرة منذ 7 أكتوبر 2023 بدعم أمريكي، تستهدف جماعة “أنصار الله” في اليمن بصواريخ ومسيّرات سفن شحن لإسرائيل أو مرتبطة بها في البحر الأحمر.
أحد أهم مصادر النقد الأجنبي
وتعتبر قناة السويس من أهم القنوات والمضايق في العالم، وهي أقصر طرق الشحن بين أوروبا وآسيا.
وتشكّل عائدات القناة أحد أبرز مصادر النقد الأجنبي في مصر، إلى جانب تحويلات المصريين العاملين في الخارج والصادرات والسياحة.
وكان قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي قد افتتح، في أغسطس 2015، تفريعة جديدة لقناة السويس بلغت تكلفة حفرها نحو 8 مليارات دولار، وجرى الترويج لها بوصفها قناة جديدة ستغيّر حياة المصريين إلى الأفضل.
وحصلت هيئة قناة السويس على قروض من البنوك لتمويل حفر التفريعة الجديدة بمبلغ 1.4 مليار دولار، ودبّرت باقي مبلغ الحفر عبر طرح شهادات استثمار للمواطنين بفائدة مرتفعة.
وقبل افتتاح التفريعة، وعد رئيس هيئة القناة حينئذ الفريق مهاب مميش بتحقيق المشروع إيرادات تصل إلى 100 مليار دولار سنويا.
ويرى خبراء أن مشروع تفريعة قناة السويس لم يحقق العائدات التي وعد المسؤولون بها الشعب، بل إنه أدى إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في مصر.
الاستثمار العام يواصل الانكماش
بيانات وزارة التخطيط لم تقتصر على قناة السويس، بل كشفت عن انكماش حاد في الاستثمار العام بنسبة 45.6%، وانخفاض إسهاماته في النمو الاقتصادي، حيث قلّص الناتج المحلي الإجمالي بنحو 2.44%.
كما تراجع قطاع الاستخراجات بنسبة 10.38% بفعل انخفاض أنشطة البترول والغاز الطبيعي، والتي انكمشت بنسبة 9.52% و20.5%، على التوالي بحسب بيان وزارة التخطيط الصادر اليوم.
ممر لوجستي متكامل
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي رئيس مركز العدل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، الدكتور كريم عادل: مما لا شك فيه أنه من المتوقع أن تشهد إيرادات قناة السويس تراجعًا في حجم إيراداتها للعديد من الأسباب يأتي على رأسها تراجع حجم التجارة العالمية المتوقع وفقًا لتقديرات المؤسسات الدولية في ظل الاضطرابات العسكرية والتجارية، إضافة إلى الارتفاع المتوقع في تكلفة الشحن والتأمين على السفن والبضائع، وكذلك احتمالية تعطل سلاسل الإمداد والتوريد العالمية للمواد الخام ومستلزمات الإنتاج، ومن ثم تراجع أعداد السفن المارة في قناة السويس.
كما اعتبر "أنه كان على الحكومة المصرية أن تسرع في تحويل هذا الممر الملاحي الهام من مجرد ممر ملاحي تقليدي لتحصيل رسوم العبور من السفن التجارية وناقلات النفط المارة إلى ممر لوجيستي خدمي متكامل، يوفر خدمات البناء والتطوير والصيانة للسفن التجارية العالمية، ويوفر خدمات التوريد والإمداد للسفن بأسعار تنافسية وجودة عالية، حتى تكون هناك استدامة في الإيراد من النقد الأجنبي".
وأكد أن قناة السويس تعد "أحد أهم موارد الدولة المصرية من النقد الأجنبي، وتراجع إيراداتها سيتسبب في ضغوط على العملة الأجنبية ومن ثم ارتفاع الدولار الأميركي مقابل الجنيه المصري، في وقت تسعى فيه الدولة المصرية للوفاء بالالتزامات الخارجية والمتطلبات الداخلية والتي تتطلب المزيد من العملة الأجنبية".