تشهد الأوساط السياسية والقانونية في الولايات المتحدة الأميركية جدلاً متجدداً حول مساعي الإدارة الأميركية، برئاسة دونالد ترامب، لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين “منظمة إرهابية”، في خطوة سبق أن طُرحت أكثر من مرة منذ عام 2015، لكنها واجهت عقبات قانونية ودبلوماسية حالت دون إقرارها.
الجديد في هذه المحاولة هو ربط الجماعة بشكل مباشر بحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، التي تعتبرها واشنطن والاحتلال الإسرائيلي، تهديداً لأمنها القومي.
هذا الربط منح مشروع القانون زخماً جديداً، خصوصاً في ظل الضغوط المتزايدة من نواب جمهوريين من تيار "ماغا" المتشدد، مثل السيناتور تيد كروز، الذي أعاد تقديم مشروع القانون مؤكداً أن “حماس هي الفرع الفلسطيني لجماعة الإخوان”.
تصريحات رسمية
وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، كشف في 12 أغسطس 2025 أن إدارته تدرس بالفعل آليات تصنيف الجماعة على قوائم الإرهاب، لكنه أقر بتعقيدات قانونية تتعلق بضرورة إثبات ضلوع الجماعة في أعمال عنف أو تهديد مباشر للمصالح الأميركية.
وأوضح أن واشنطن تسعى لتصنيف كل فرع من فروع الإخوان على حدة، لتجنب الطعون القضائية.
روبيو أشار كذلك إلى أن المراجعة الأميركية لا تقف عند حدود الجماعة فحسب، بل تمتد إلى منظمات مدنية مثل "مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية" (كير)، وهو ما أثار مخاوف لدى الجاليات الإسلامية من اتساع دائرة الاستهداف.
المؤيدون، وفي مقدمتهم نواب جمهوريون بارزون، يرون أن ارتباط حماس بالإخوان المسلمين يبرر التصنيف، معتبرين أن الجماعة تستغل النشاط السياسي والعمل الدعوي غطاءً للتأثير على أمن أميركا وحلفائها.
لكن المعارضين يحذرون من أن مثل هذا القرار قد يضر بعلاقات واشنطن مع دول عربية وإسلامية تعترف بالإخوان أو تضم وزراء ومسؤولين منتمين للجماعة. كما يخشى حقوقيون أميركيون أن يقود القرار إلى تغذية "الإسلاموفوبيا" وإضعاف المجتمع المدني الإسلامي في الولايات المتحدة.
توظيف الصراع في غزة
يتزامن هذا النقاش مع استمرار الحرب على غزة منذ أكتوبر 2023، حيث استغل نواب مقربون من ترامب الهجوم الذي نفذته حماس ضد إسرائيل للتأكيد على ضرورة ملاحقة “الجذور الفكرية” التي تنتمي إليها الحركة، والمتمثلة – بحسب رؤيتهم – في جماعة الإخوان المسلمين.
وفي هذا السياق، أعاد السيناتور كروز ونواب آخرون في يونيو ويوليو الماضيين طرح مشاريع قوانين تدعو إلى إدراج الجماعة ككل على قوائم الإرهاب، زاعمين أن إهمال تصنيفها في الماضي سمح بتمدد نفوذها داخل أميركا وخارجها.
تعقيدات قانونية
تصنيف أي جماعة أجنبية كمنظمة إرهابية يستلزم وفق القانون الأميركي ثلاثة شروط أساسية: أن تكون ذات نشاط خارج الولايات المتحدة، وأن تنخرط في أعمال عنف تهدد الأمن القومي الأميركي، وأن يثبت ذلك بأدلة يمكن الدفاع عنها أمام المحاكم.
وهذا ما يجعل مهمة الإدارة الحالية معقدة، خاصة مع وجود جمعيات أميركية مرخصة مرتبطة بفكر الإخوان، إضافة إلى علاقات بعض الحكومات العربية معهم، وهو ما يضع واشنطن أمام معضلة قانونية ودبلوماسية مزدوجة.