بقلم: د. محمد عماد صابر

في مشهد لا يخلو من الخيانة والانحطاط، خرج علينا أحد المحامين المغمورين، ممن كان يومًا ينتمي لحراك 6 أبريل، ليدافع اليوم عن لجنة "حقوق الإنسان" المزعومة في مصر، معلنًا وبلا خجل أن المعتقلين من جماعة الإخوان المسلمين لا يستحقون الإفراج، لأنهم "خطر على مصر"!

هذا نص التغريدة للسيد طارق الخولي: "نستبعد تماما أى مسجون ينتمى لجماعة الاخوان المسلمين من القوائم التى نقدمها لرئاسة الجمهورية لاستصدار قرارات العفو، هؤلاء يمثلون خطرا على مصر حتى لو لم يتورط بعضهم فى العنف، لكنهم مرشحون لارتكاب العنف، ولن يتسرب من بين أيدينا اسم مسجون يمكن أن يتورط فى تهديد أمن المصريين".. أي منطق هذا؟ وأي وطنية تلك التي ترى أن من يطالب بالحرية والعدالة خطرٌ، بينما من يبيع الأرض ويهين الشعب هو المصلح الأمين؟

 

"الخوف من الطهارة"

قالها قوم لوط من قبل: "أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون".

وهكذا يعيد الانقلابيون اليوم نفس المنطق الساقط: يطاردون من يسعون للإصلاح، لأنهم ببساطة لا يشبهونهم.

وجود الإخوان والشباب في المشهد يفضح فسادهم، ويُسقط قناع الوطنية الزائف الذي يرتدونه. هم لا يخافون من السلاح، بل من الكلمة. لا يخشون الثورة، بل يخشون الفكرة. يخافون من نموذج بديل، نزيه، شريف، لا يسرق، ولا يبيع، ولا يتآمر.

 

"وجودهم يعري النظام"

لماذا يخشون من خروجهم؟

لأن وجودهم في الشارع يُذكِّر الناس بسنوات العدالة والكرامة، حين انتصر المصري لكرامته في ميدان التحرير.

لأنهم يمثلون ذاكرة المقاومة، التي تأبى أن تُطمس أو تُشوه.

لأنهم ببساطة ليسوا جزءًا من الصفقات القذرة التي تُدار في الغرف المغلقة بين أنظمة الاستبداد وأذرع الصهيونية.

 

"معادلة الخوف"

هذا النظام ومن يدورون في فلكه يدركون أن الإخوان والشباب المعتقلين هم الحاضرون في ضمير الأمة، الغائبون قسرًا عن المشهد، لكنهم الأقرب إلى وجدان الناس.

يعرفون أنهم إن خرجوا، سيتحرك الشارع.

وإذا تحرك الشارع، سقطت الأصنام.

وإذا سقطت الأصنام، انتهى عهد الخيانة والعمالة والاستبداد.

 

"الخائنون يتحدثون باسم الوطن"

ما يؤلم حقًا، أن من يطلق هذه التصريحات اليوم كانوا بالأمس في صف الثورة، يهتفون ضد العسكر، ويحلمون بمصر حرّة.

لكن ما أسرع ما باعوا أحلامهم مقابل فتات من المناصب والوجاهة.

صاروا أدوات بيد النظام، يبررون قمعه، ويزينون جرائمه، ويُقصون الشرفاء تحت شعار "الخطر على الوطن".

أي وطن هذا الذي يخاف من شبابه؟

أي وطن هذا الذي يخشى من المصلحين؟

ختامًا: إن من يخاف من خروج الإخوان والشباب من السجن، ليس وطنيًا، بل شريك في الجريمة.

الخوف من الأحرار، علامة ضعف، لا قوة.

والسجن لن يطول، والتاريخ لا يرحم، والشعوب تعرف رجالها.