تتواصل حرب الإبادة الجماعية التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، في يومها الـ642، وسط تصعيد دموي غير مسبوق يُفاقم المأساة الإنسانية التي يعيشها أكثر من مليوني فلسطيني. إذ تتوالى المجازر، وتُستهدف العائلات النازحة ومراكز المساعدات، بينما يتعمق الخراب وتستعر المجاعة تحت قصف الطائرات والدبابات، وبدعم سياسي وعسكري أميركي وصمت دولي وصفه مراقبون بـ"المخزي والكارثي".

فجر اليوم الأربعاء، عاودت طائرات الاحتلال قصفها لمناطق متفرقة من القطاع، موقعة عشرات الشهداء والجرحى، بينهم أطفال ونساء، وأخرى من الطواقم الطبية والإغاثية.
وقد سجلت مصادر طبية وميدانية سقوط شهداء في مخيمات النزوح، وأحياء غزة القديمة، وشوارع خانيونس، ومدن الوسطى، في سلسلة غارات توصف بـ"الانتقامية والمنهجية".

 

مجازر متكررة.. الشاطئ وخانيونس تحت النار
شهد مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة إحدى أبشع المجازر خلال الساعات الماضية، إذ استشهد 3 مواطنين، بينهم رضيع، جراء قصف منزل يعود لعائلة شبير. بينما استهدفت غارة أخرى سيارة مدنية في شارع أصداء غرب خانيونس، ما أدى لاستشهاد 4 مواطنين، بينهم طفلان.

وفي شارع المالية بمدينة غزة، استهدفت طائرات الاحتلال مجموعة من المواطنين، ما أسفر عن استشهاد شخص وإصابة خمسة آخرين، في مشهد تكرر بشكل متسلسل في مناطق تل الهوى والرمال والبلدة القديمة.

 

مجازر الخيام.. حين يتحول النزوح إلى فخ للموت
لم تسلم خيام النازحين من الغارات الجوية، حيث ارتكبت قوات الاحتلال واحدة من أكبر مجازرها باستخدام مُسيّرات انتحارية. ففي منطقة العطار غرب خانيونس، استهدفت خيمة عائلة شعبان، ما أسفر عن ارتقاء 10 شهداء، بينهم الزوجان محمد وهبة شعبان، وأطفالهما الثلاثة، إلى جانب أقارب وأطفال آخرين.

وفي هجوم مشابه، استشهدت الفتاة نور الفرا (17 عامًا) نتيجة قصف استهدف خيام نازحين بمواصي خانيونس. كما طالت الغارات مناطق الإيواء قرب جامعة الأقصى، ومخيم الصمود، ما أدى إلى إصابات خطيرة في صفوف المدنيين.

 

ضحايا الأسرة الواحدة.. الكردي وجودة وأبو غزالة
واصل الاحتلال استهداف العائلات الفلسطينية، حيث استشهد 10 أفراد من عائلة جودة، بينهم 3 أطفال و3 نساء، في قصف استهدف منزلهم غرب مخيم الشاطئ. ومن بين الشهداء: حسين عبد العزيز جودة، وأطفاله عبدالله وعلي، وزوجته منة محمد جودة.

وفي وسط القطاع، استشهد المواطن محمد أبو غزالة متأثرًا بجراحه، ليلتحق بعائلته التي استشهدت في بداية الحرب، إثر قصف منزلهم بدير البلح.

 

أرقام كارثية.. أكثر من 57 ألف شهيد ودمار شامل
بحسب وزارة الصحة في غزة، ارتفعت حصيلة الشهداء منذ بدء العدوان إلى 57,680 شهيدًا و137,409 جريحًا، إلى جانب 11,000 مفقود، ومجاعة أودت بحياة عشرات المدنيين، في ظل تدمير ممنهج للبنى التحتية.

ومنذ 18 مارس 2025، تاريخ انهيار اتفاق وقف إطلاق النار، ارتقى 7,118 شهيدًا، وبلغ عدد الجرحى 25,368 مصابًا، غالبيتهم أطفال ونساء. كما استشهد منذ 27 مايو، حينما تحولت نقاط توزيع المساعدات إلى مصائد موت، أكثر من 773 شهيدًا و5101 جريحًا و39 مفقودًا.

 

استهداف ممنهج للطواقم الإنسانية
ارتكب الاحتلال جرائم مروعة ضد الطواقم الإنسانية، حيث استُشهد 1,581 من الكوادر الطبية، و115 من أفراد الدفاع المدني، و754 من عناصر الشرطة المكلفة بتأمين المساعدات. كما استُهدفت مراكز الإيواء والمستشفيات ومساجد ومقابر، في انتهاك واضح للقانون الدولي.

 

تدمير غزة.. خسائر بـ62 مليار دولار و88% من المباني خارج الخدمة
كشفت بيانات المكتب الإعلامي الحكومي أن حرب الإبادة أسفرت عن تدمير 88% من مباني القطاع، بإجمالي خسائر تجاوزت 62 مليار دولار. كما دمّر الاحتلال أكثر من 149 مؤسسة تعليمية تدميرًا كليًا، و369 جزئيًا، بالإضافة إلى تدمير 828 مسجدًا كليًا و167 جزئيًا، وتخريب 19 مقبرة.

وتسيطر قوات الاحتلال حاليًا على 77% من مساحة القطاع بالقصف والنار، وسط استمرار عمليات التهجير القسري الجماعي.

 

معادلة القتل الإنساني.. "مؤسسة غزة" والابتزاز بالمساعدات
منذ مايو، يعتمد الاحتلال على ما يُعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية"، وهي كيان مشترك إسرائيلي-أميركي، ترفضه الأمم المتحدة، كأداة "ابتزاز إنساني" لفرض معادلة الخضوع مقابل الغذاء. ووفق معطيات، تحولت هذه النقاط إلى فخاخ دموية حصدت أرواح مئات المدنيين في الأسابيع الأخيرة.