كُشف النقاب أخيراً عن تفاصيل المأساة التي أودت بحياة خمسة أطفال أشقاء في قرية دلجا، التابعة لمركز دير مواس بمحافظة المنيا.

مأساة صادمة بكل المقاييس، تجلت في مشهد متكرر للموت داخل أسرة واحدة، وعلى مدار أيام متعاقبة، وسط حالة من الحزن والذهول والارتباك، ودوامة من الشائعات التي غذّاها الغموض المحيط بالقضية.

لكن خيوط الحقيقة بدأت تتكشف تدريجياً، بعد أن أدلى مسؤول طبي بارز بشهادته أمام النيابة العامة، ليكشف النقاب عن السبب المرجّح وراء هذه السلسلة المؤلمة من الوفيات، مؤكدًا أن الحادثة لا ترتبط بمرض أو وباء كما راج، بل بتسمم كيميائي خطير.

 

تسمم بمبيد حشري.. تفاصيل التحقيق الطبي
بحسب ما ورد في شهادة المسؤول الطبي، فإن نتائج التحاليل والفحوصات التي أُجريت بتوجيه مباشر من النيابة العامة أظهرت أن الأطفال الخمسة لقوا حتفهم بسبب تسمم بمادة كيميائية يُشتبه بأنها مبيد حشري.

الفرضية التي يجري العمل على تثبيتها تستند إلى التركيبة الكيميائية للسمّ المكتشف في أجسام الضحايا، لكن لم يتم حتى الآن تحديد نوع المادة بدقة ولا ظروف دخولها إلى أجساد الأطفال.

ويُعدّ هذا الكشف مفصلياً في مسار التحقيق، إذ أزال الشكوك التي أُثيرت حول وجود مرض وبائي أو فيروس قاتل، بعدما ثبت خلوّ أجساد الضحايا من أي فيروسات أو بكتيريا معدية، بما في ذلك التهاب السحايا، الذي تداولت حوله بعض المنصات الإعلامية ومواقع التواصل.

 

كيف تسلسل الموت داخل العائلة؟
التحقيقات الطبية كشفت نمطاً لافتاً في طريقة تفشي السمّ داخل أفراد الأسرة.

فقد أوضح التقرير التشريحي أن الوفاة بدأت بالأطفال الأصغر سناً، وهم الأضعف مناعةً وبنية، ثم لحقت بهم الحالات الأكبر تباعاً، بينما بقيت الطفلة الكبرى على قيد الحياة حتى الآن، وتخضع للرعاية الطبية الدقيقة تحت إشراف وزارة الصحة.

الأب نفسه، وفق المصدر الطبي، ظهرت عليه أعراض التسمم لكن متأخراً، ونجا بفضل قوة بنيته الجسدية ومقاومته الطبيعية، ما أتاح للطواقم الطبية التدخل في الوقت المناسب لإنقاذ حياته، وهو الآن في وضع مستقر، دون مضاعفات خطيرة.

 

نفي قاطع لإشاعات "الوباء الغامض"
المسؤول الطبي شدد أمام النيابة على أن كل ما جرى تداوله بشأن "وباء قاتل" عارٍ من الصحة، وأنه لا يستند لأي قاعدة علمية أو دليل تحليلي.

بل وصف هذه الأخبار بـ"المضللة والخطيرة" لما تسببه من ذعر مجتمعي غير مبرر، مؤكدًا أن وزارة الصحة تعاملت مع الواقعة بكل شفافية وسرعة.

وقد باشرت الوزارة، عبر فرق الاستجابة السريعة والترصد الوبائي، بمعاينة المنزل محل الحادث وفحص البيئة المحيطة بالكامل.

وأظهرت النتائج أن مياه الشرب في المنزل آمنة، كما أن العينات البيئية لم تُظهر أي مؤشرات على تلوث بكتيري أو كيميائي في مصادر الطعام أو المياه أو الأسطح.

 

الوضع الوبائي.. آمن ومستقر
في بيان رسمي، أكدت وزارة الصحة أن الوضع الصحي في قرية دلجا وفي عموم محافظة المنيا مستقر تمامًا، ولا توجد أي زيادات غير معتادة في معدلات الإصابة بأمراض معدية.

كما لم تُسجّل أي حالات مشابهة في محيط الأسرة أو بين الجيران، ما يعزز فرضية التسمم الموضعي، لا المرض المعدي.

 

النيابة تواصل التحقيق في الشبهات الجنائية
على صعيد متصل، أوضحت النيابة العامة أنها لا تزال تُجري تحقيقات موسّعة في ملابسات القضية، وتبحث تحديد المسؤوليات المحتملة، سواء أكانت ناتجة عن إهمال بشري أو خطأ بيئي أو جنائي.

وأشارت النيابة إلى أنها لن تغفل أي فرضية، بما في ذلك احتمال وجود شبهة دسّ السمّ عن قصد أو عن طريق الخطأ، مؤكدة أن الحقيقة ستُكشف كاملة فور اكتمال التقارير.

 

ردود فعل مجتمعية وشعبية
خيمت حالة من الحزن العميق على الأهالي في دلجا، التي ودّعت أبناءها الخمسة في مشهد جنائزي مفجع، أثار مشاعر التعاطف والغضب والقلق في آنٍ معًا.

وتحوّلت القضية إلى قضية رأي عام، وسط مطالبات بمحاسبة أي طرف قد يكون تسبّب في الحادث، سواء بالإهمال أو بترك مواد خطرة في متناول الأطفال.

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=122213214278257147&id=61557714426741&ref=embed_post