عاشت محافظة الجيزة، إحدى أكبر المحافظات من حيث الكثافة السكانية، حالة من الشلل التام منذ صباح السبت وحتى اليوم الإثنين، حيث انقطعت خدمات الكهرباء والمياه بشكل شبه كلي عن أحياء وقرى واسعة دون سابق إنذار، ما أدى إلى معاناة قاسية لسكان المنطقة في ظل موجة حر خانقة، في مشهد مؤلم يكشف هشاشة البنية التحتية وغياب الإدارة الرشيدة.
شوارع مظلمة، صنابير جافة، وشكاوى لم تجد من يسمعها، هذا هو الواقع الذي فرض نفسه على مناطق كبرى مثل إمبابة والهرم والعجوزة وفيصل وبولاق الدكرور والمنيب وأوسيم والعمرانية والبدرشين، إلى جانب مناطق من أكتوبر والوراق، وسط تساؤلات مصيرية عن دور الحكومة في إدارة الأزمات.
صمت رسمي ومعاناة شعبية
لم تصدر أي توضيحات فورية من الجهات المعنية طوال أكثر من 48 ساعة على بدء الأزمة، ما عمّق من حالة الغضب الشعبي، المواطنون أكدوا أن أرقام الطوارئ الخاصة بالكهرباء والمياه كانت "خارج الخدمة"، وكأن المؤسسات الخدمية انسحبت من المشهد تمامًا.
تقول نوال محمد، إحدى سكان منطقة الهرم: "رحت أحاول التصرّف مع أولادي وسط الحرّ والعطش، لم نعرف كيف ننام ولا كيف نطبخ ولا كيف نغسل، حتى المياه الباردة غير متوفّرة، والمشكلة أنّ مسؤولاً واحداً لم يشرح لنا ما الذي حصل".
عطل فني أم فشل في الإدارة؟
لاحقًا، وبعد تصاعد الضغط الإعلامي والشعبي، أصدرت محافظة الجيزة بيانًا كشفت فيه أن عطلًا كهربائيًا مفاجئًا في الكابل الأرضي قرب محطة مترو ساقية مكي، إضافة إلى خلل فني بمحطة محولات "جزيرة الدهب"، تسبب في توقف ضخ المياه وانقطاع التيار الكهربائي عن عدة مناطق رئيسية بالمحافظة.
لكن البيان الرسمي لم يهدئ من روع المواطنين الذين وصفوا الأمر بأنه "إهمال غير مسبوق"، مؤكدين أن الدولة تُنفق مليارات الجنيهات على البنية التحتية، ثم تعجز عن التعامل مع عطل فني واحد في محطة رئيسية.
المهندس أحمد مصطفى، من سكان فيصل، قال: "عندما تقع أزمة كهذه، يجب على الدولة أن تصدر بيانًا واضحًا، وتنسق خططًا بديلة لتوصيل المياه والكهرباء، ومن غير المقبول أن نُترك بلا معلومات أو حلول".
شبكة متهالكة وأرقام قياسية... في الانهيار؟
في تناقض غريب، أعلنت الحكومة يوم الأحد أن الشبكة القومية للكهرباء سجّلت رقمًا قياسيًا في الأحمال بلغ 38800 ميجاوات، مؤكدة "نجاحها في تجاوز اختبار هو الأكبر في تاريخها"، في حين كان ملايين المواطنين في الجيزة يقضون يومهم الثاني في الظلام.
ووفق مصدر حكومي مطّلع على ملف الطاقة، فإن استهلاك الغاز الطبيعي في مصر ارتفع بنسبة 5.4% في يوليو الجاري، ليصل إلى 6.75 مليار قدم مكعب يوميًا، وهو ما يُعزى إلى استهلاك المصانع ومحطات الكهرباء. ومع ذلك، فشلت تلك المحطات في توفير الخدمة لملايين السكان في وقت الحاجة.
حرائق وانهيارات في البنية التحتية
في إمبابة، اندلعت حرائق بعدد من المحولات الكهربائية القديمة بسبب الأحمال الزائدة ودرجات الحرارة المرتفعة، ما استدعى تدخل الحماية المدنية. المشهد تكرر في عدة مناطق، وتوسعت رقعة الأزمة بشكل متسارع دون أي تدخل فاعل من الجهات المختصة.
وسائل التواصل الاجتماعي.. صوت المواطنين الغاضب
لجأ آلاف المواطنين إلى منصات التواصل الاجتماعي للتعبير عن سخطهم، مستخدمين وسم #الجيزة_بلا_كهرباء و#الجيزة_بلا_مياه، لتوثيق معاناتهم ومطالبة الحكومة بالتحرك. وقد تداول النشطاء صورًا ومقاطع فيديو توضح أزمة العطش والظلام في منازل كثيرة، لا سيما بين الأسر التي تضم مرضى وأطفالًا وكبار السن.
نشرت صفحة "فيصل الآن" مساء أمس الأحد منشورًا على التواصل الإجتماعي، جاء فيه: "26 ساعة من انقطاع المياه عن مناطق فيصل والهرم وترسا والعمرانية وبولاق.. ملايين المواطنين في انتظار خبر رسمي وسط معاناة قاسية ونفاد مخزون المياه في كثير من المنازل".
https://www.facebook.com/photo/?fbid=745287618102400&set=a.162533839711117