في 9 أغسطس 2025، أعلنت وسائل إعلام سودانية ومواقع إخبارية محلية وفاة المواطن السوداني مجاهد عادل محمد أحمد داخل مركز شرطة «الأهرام» بمحافظة الجيزة في مصر، بعد احتجازه 21 يوماً للاشتباه في إجراءات ترحيل كان مقرّراً أن تُنفَّذ ضده.

سلطات الانقلاب في مصر لم تصدر إعلاناً تفصيلياً علنياً يوضّح الملابسات؛ بينما تناقلت صفحات الجالية والوسائط السودانية أن الوفاة كانت «بسبب مضاعفات مرض السكري» بعد منع الراحل من الوصول إلى علاج مناسب داخل الحجز، وهو ما أثار موجة استنكار بين الجالية ووسائل إعلام سودانية.

 

تفاصيل الحادثة

وفق التغطية الصحفية، توفّي المجاهد في 9 أغسطس 2025 داخل مركز شرطة الأهرام، محافظة الجيزة (القاهرة الكبرى)، حيث أشارت مصادر محلية وسودانية إلى أن الرجل كان محتجزاً منذ نحو 21 يوماً في انتظار إجراءات ترحيله إلى السودان، وعانى من مضاعفات مرتبطة بمرض السكري أودت بحياته داخل القسم، فيما يؤكّد أقارب ومصادر في الجالية أن اتصالاتهم بالسلطات والمحامين لم تؤدِّ إلى نقله لتلقي علاج مستعجل، والشهادات المتداولة تترك علامات استفهام حول ظروف الحجز والوصول إلى الرعاية الطبية.

 

من يتحمل المسؤوليّة؟

لا يمكن فصل هذه الحادثة عن سياسات أوسع لتنفيذ احتجازات وترحيل سودانيين في مصر خلال السنوات الأخيرة، تقارير منظمات حقوقية ومنظمات إغاثة توثّق حملة اعتقالات وعمليات إعادة قسرية لسودانيين، بعضها جاء على خلفية تشديد إجراءات الإقامة وصدور قوانين وتنظيمات جديدة منذ 2023–2024، حيث سجّلت منظمات مثل أمنستي ومنصات تحقيقية حالات معسكرات احتجاز وعمليات ترحيل دون تقييم فردي للخطر أو إتاحة طلبات لجوء حقيقية.

بالنسبة للمجتمع المدني، هذه الحادثة ليست عُزلة بل امتدادٌ لنمط طويل من الإهمال والتعرّض لحقوق المقيمين واللاجئين السودانيين في مصر.

 

هل توجد اتفاقيات بين البلدين تنظم الحركة والحقوق؟

نظرياً، هناك اتفاقيات ثنائية بين مصر والسودان تنظّم حرية التنقل والحقوق على ضفاف النيل، أبرزها اتفاقية الحريات الأربع بين مصر والسودان (2004) التي تتحدث عن حرية الحركة والإقامة والعمل وامتلاك الملكية بين البلدين، كما توجد ترتيبات تاريخية متعلقة بمياه النيل واتفاقيات أخرى أقدم.

لكن تطبيق هذه الاتفاقات عملياً كان متذبذباً، وغالباً ما تستبدله سياسات أمنية وتشريعات محلية تضيق على الحريات وتشرّع عمليات الاحتجاز أو الترحيل، بمعنى آخر: هناك أوراق واتفاقيات، لكنها لم تمنع، ولا تحمي، سودانيين يعيشون في مصر من الاعتقال والإعادة القسرية أو من تدهور وضعهم الصحي داخل مرافق الاحتجاز.

 

ماذا قالت المنظمات الحقوقية؟

لم يُصدر رد رسمي واضح من حكومة الانقلاب في مصر عن هذه الحالة أو على الأقل لم يُنشر على نطاق واسع عند رصد التقارير، بينما دعت منظمات حقوقية دولية طوال الفترة الماضية السلطات المصرية إلى وقف الاعتقالات الجماعية وإجراء تحقيقات مستقلة في حالات الوفيات داخل مرافق الاحتجاز، وقالت أمنستي إن على مصر "الكفّ عن حملة الاعتقالات والعودة القسرية للسودانيين" وهو سياق يضع الحادثة ضمن منظومة مقلقة، وهو (اقتباس مجرّد لروح بيانات المنظمات الحقوقية، لا تصريح سياسي محلي محدد بالاسم حول هذه الحالة حتى الآن).

 

تداعيات الحادث..

وفاة مجاهد أثارت قلق الجالية السودانية في مصر وفتحت جرحاً جديداً في العلاقة الإنسانية بين اللاجئين أو الوافدين والدولة المضيفة، عملياً، الحادث يضيف وقوداً للانتقادات الدولية والمحلية لسياسات حكومة الانقلاب في مصر بشأن إغلاق السبل أمام طلبات الحماية والوصول إلى الرعاية الصحية للسجناء الأجانب، وهو ما قد يضغط أدنى ضغطٍ إعلامي أو دبلوماسي على السفارة السودانية ومؤسسات المجتمع المدني للمطالبة بتحقيق وتسليم الجثمان وإجراءات متابعة قضائية، كما يعيد فتح التساؤل عن التزام مصر باتفاقيات الحريات وميثاق اللجوء الدولي.

 

توصيات عاجلة..

هذه الوفاة تكشف جانباً آخر من فشل إدارة الملفّ الإنساني في مصر تحت حكم السيسي: سياسات أمنية تقابل بها الهجرة واللجوء، وتهمّش الحقّ في العلاج داخل الحجز.

توصية ومطالب:

(1) مطالبة النيابة العامة المصرية بفتح تحقيق محايد ونشر نتائج التشريح وتقارير الرعاية الصحية.

(2) مطالبة سفارة السودان في القاهرة بمتابعة ملف الوفاة علناً والتعاون مع المحققين.

(3) مطالبة منظمات حقوقية دولية بالتحقق الميداني ونشر نتائجها.

(4) إعادة النظر الفوريّة في سياسات الاحتجاز والترحيل التي تعرّض حياة الناس للخطر.

(5) تقديم شكوى رسمية إلى منظمات حقوق الإنسان (أمنيستي، هيومن رايتس ووتش) ومطالبتها بفتح تحقيق ونشر نتائج ميدانية.