في أول نوفمبر 2025، من المقرر أن يفتتح المتحف المصري الكبير، الذي يعد من أكبر المتاحف الأثرية في العالم، بوصفه معلماً ثقافياً ومصدر جذب سياحي في مصر، إلا أن الغضب الشعبي والمثقفين سرعان ما تصاعد بسبب ارتفاع أسعار التذاكر، التي اعتبرها كثيرون مبالغاً فيها وغير متناسبة مع الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمصريين.

 

أين ومتى حدثت أزمة أسعار التذاكر؟

المتحف المصري الكبير الواقع على مشارف هضبة الجيزة كان مقرراً افتتاحه رسمياً في يوليو 2025، لكنه تأجل إلى نوفمبر من نفس العام، مع استمرار التشغيل التجريبي للزيارة، أسعار التذاكر التي أعلنتها وزارة السياحة والآثار أثارت انتقادات واسعة في يونيو 2025، أي قبل أشهر قليلة من الافتتاح الرسمي.

 

ماذا كانت أسعار التذاكر؟

  • للمصريين:
    • البالغون: 200 جنيه
    • الطلاب والأطفال وكبار السن: 100 جنيه
  • للعرب والأجانب:
    • البالغون: 1200 جنيه
    • الطلاب والأطفال: 600 جنيه
  • للعرب والمقيمين:
    • البالغون: 600 جنيه
    • الطلاب والأطفال: 300 جنيه

بالإضافة إلى جولات إرشادية بأسعار أعلى تصل إلى 350 جنيهاً للمصريين و1700 للأجانب البالغين.

 

لماذا أثارت هذه الأسعار غضب المصريين والمثقفين؟

في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالمصريين، مع تضخم وصل إلى 40% وارتفاع أسعار السلع الأساسية، وانخفاض الدخول وارتفاع معدلات الفقر، تعتبر هذه الأسعار مبالغاً فيها جداً بالنسبة لغالبية الشعب المصري، حيث يصل سعر التذكرة العادية للمصري إلى ما يعادل متوسط دخل يوم أو أكثر، وهو ما يعكس تهميش الطبقات المتوسطة والفقيرة في الاستفادة من تراثها الثقافي.

المثقفون والمراقبون يرون أن سياسة التسعير هذه تنطلق من توجهات حكومة الانقلاب في مصر، التي اتهمت باحتكار الفئات الثرية والمهتمة بالسياحة الأجنبية وإقصاء البسطاء، مما يكرس واقعاً اجتماعياً غير عادل ويضع التراث الوطني في قبضة النخبة الباهظة.

في يونيو 2025، أبدى خبراء ومحاورون ثقافيون غضبهم من ارتفاع الأسعار، مؤكدين أنها تتناقض مع شعارات السيسي التي كانت تدعو إلى تمكين المصريين اقتصادياً واجتماعياً، خاصة بعد وعود الإصلاح الاقتصادي التي لم يشعر بها الأكثرية.

كما انتقد سياسيون وناشطون مقاربة النظام الذي رفع أسعار المزارات الأثرية، معتبرين أن ذلك يعكس فشلاً في سياسة التوزيع العادل للثروات الوطنية.

دراسة من المركز المصري للإعلام والرأي أكدت أن 74% من المصريين يرفضون استمرار نظام السيسي في ظل سياسات تقشفية مماثلة رفعت التضخم ورفعت نسب الفقر بشكل مخيف.

 

ماذا تسببت الأزمة؟

  • ارتفاع سعر التذكرة أدى إلى عزوف كبير من الزوار المصريين عن زيارة المتحف، مما قد يهدد بتحول المتحف إلى معلم سياحي للأجانب فقط، ويعمق الفجوة بين الشعب وحضارته.
  • هذه الأزمة أثارت نقاشاً واسعاً في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، حيث عبّر كثير من المثقفين والمواطنين عن خيبة أملهم من أن الثقافة والتراث صارا بمتناول الطبقة الميسورة فقط.
  • كما أغضب هذا الوضع كثيراً منظمات حقوق الإنسان التي ربطت بين انعدام العدالة الاقتصادية وانتشار الفقر وسياسات النظام المركزي الذي يتحكم في موارد البلاد لصالح قلة محدودة.

 

قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، الذي تولى الحكم منذ 2014، اتهمه منتقدوه بالتحكم السلطوي والابتعاد عن الحريات السياسية والاقتصادية، حيث فرضت حكومته سياسات تقشفية أثرت سلباً على أكثر من 70% من السكان، مع زيادة دور الجيش في الاقتصاد وتراجع الاستثمار في القطاعات الاجتماعية، هذا الواقع جعل العديد من المصريين يكابدون الفقر والحرمان بينما يتم تسعير الأماكن الثقافية والسياحية بأسعار تعتبرها الطبقة الشعبية غير ميسرة.

 

مقارنة مع تذكرة المتاحف الأخرى

ارتفاع أسعار التذاكر في المتحف الكبير يُعتبر من الأعلى مقارنةً بتذاكر المتاحف المصرية الأخرى، حيث كانت الأسعار السابقة في المتحف المصري بالتحرير أقل بكثير، مما زاد من شعور الاستغلال والتمييز في التعامل مع التراث الوطني.

حمل النقاد حكومة السيسي مسؤولية إبعاد المواطنين المصريين عن وطنهم التراثي، معتبرين أن المتحف الكبير، والذي كان من المفترض أن يكون رمزاً للفخر الوطني والانفتاح الحضاري، تحول إلى مرفأ للفئات القادرة مالياً فقط، وبرزت دعوات للمطالبة بخفض الأسعار والسماح لجماهير أوسع بزيارة المتحف احتراماً لحقهم في الثقافة والتاريخ.

 

الأزمة ومستقبل المتحف

ظل افتتاح المتحف المصري الكبير مناسبة ثقافية وطنية هامة، لكن أسعار التذاكر الباهظة أثرت سلباً على واقعته وعلاقته بالمواطنين، وأظهرت بشكل جلي أوجه الخلاف بين فئات المجتمع والحكومة الحالية في مصر تحت حكم السيسي، مما يعكس أزمة أعمق في السياسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في البلاد.