أصدر الرئيس السوري أحمد الشرع مرسوماً رئاسياً يقضي بإعفاء استهلاك الكهرباء من جميع الرسوم المالية والإدارية التي كانت تبلغ نحو 21.5% من إجمالي قيمة الفاتورة.

القرار الذي يدخل حيز التنفيذ ابتداءً من الأول من سبتمبر 2025، أثار جدلاً واسعاً في الأوساط الاقتصادية والإعلامية، كونه يأتي في وقت تعاني فيه سوريا من أزمات مالية واقتصادية خانقة، لكنه في المقابل يعكس محاولة جادة لتخفيف الأعباء عن المواطنين والقطاعات الإنتاجية، ولا سيما الصناعي منها.

وزير المالية السوري، محمد يسر برنية، أوضح أن المرسوم يشمل كافة فئات الاستهلاك: الاستخدام المنزلي، التجاري، والصناعي.

وأشار إلى أن الفاتورة ستنخفض عملياً بنسبة تقارب الخُمس، ما يمنح الصناعات المحلية قدرة أكبر على المنافسة داخلياً وخارجياً، ويساعد الأسر في مواجهة تكاليف المعيشة المرتفعة.

القرار السوري يبرز كخطوة ذات أبعاد اجتماعية واقتصادية معاً، إذ يجمع بين تخفيف العبء المباشر عن المواطنين وبين دعم الصناعيين لخفض تكلفة الإنتاج، ويعكس ذلك رغبة النظام في امتصاص نقمة الشارع المتأثر بالحصار والعقوبات، وفتح متنفس اقتصادي في مواجهة التحديات.

https://www.facebook.com/photo/?fbid=1236287675192154

 

في مصر: العكس تماماً

في المقابل، يشهد الشارع المصري حالة من القلق والترقب مع إعلان حكومة عبدالفتاح السيسي عن زيادات جديدة في أسعار الكهرباء والغاز الطبيعي، تدخل حيز التنفيذ على فواتير سبتمبر أو يناير المقبلين.
هذه الخطوة، التي تبررها الحكومة بضرورات "إصلاح المنظومة المالية وضمان استمرارية إمدادات الطاقة"، تأتي ضمن خطة طويلة الأمد تستهدف إلغاء الدعم نهائياً بحلول العام المالي 2028/2029.

 

الكهرباء: زيادات متدرجة ولكن قاسية

وفق مصادر حكومية، سترتفع أسعار شرائح الاستهلاك بين 15% و30% للفئات الأقل استهلاكاً، فيما تصل الزيادة إلى 45% للشريحة العليا (أكثر من 1000 كيلوواط/ساعة شهرياً)، وهي ثاني زيادة في أقل من عام، بعد رفع الأسعار في أغسطس الماضي بنسب وصلت إلى 46% لبعض الشرائح.

 

الغاز: ضربة للصناعة

أما على صعيد الغاز الطبيعي، فتدرس الحكومة رفع الأسعار للمصانع بنسبة 15% إلى 20%، خصوصاً في القطاعات الثقيلة مثل الأسمدة والبتروكيماويات والحديد.

الخطوة مرتبطة بالتزامات مصر أمام صندوق النقد الدولي لإلغاء دعم المحروقات نهائياً مع نهاية 2025، وسط ارتفاع فاتورة استيراد الغاز المسال التي تجاوزت 20 مليار دولار سنوياً، وزيادات كبيرة في أسعار التوريد من إسرائيل.

 

تداعيات متوقعة: تضخم وركود

يرى خبراء الاقتصاد والصناعة أن هذه القرارات ستترجم إلى قفزات جديدة في معدلات التضخم، التي قد تزيد ما بين 0.5% و1.2% سنوياً.

كما ستؤدي إلى ارتفاع أسعار الحديد والأسمنت والأسمدة بشكل مباشر، ما ينعكس بدوره على أسعار الزراعة والبناء، ويضغط على الأمن الغذائي ويثقل كاهل المواطنين.

بينما تؤكد الحكومة أن هذه الإجراءات ضرورية لمنع انقطاعات الكهرباء وتقليص العجز المالي، يحذر محللون من أن توقيتها في ظل الركود وضعف القوة الشرائية سيزيد من الاحتقان الاجتماعي، خاصة لدى الشرائح الفقيرة والمتوسطة.

https://egwin.net/article/4889198

 

مقارنة صارخة بين دمشق والقاهرة

المفارقة أن سوريا – رغم أزماتها العميقة والحصار الخانق – تتجه نحو إعفاء الرسوم وتخفيض الفواتير كإشارة دعم للمواطن والقطاع الصناعي، بينما مصر، بمواردها الأكبر، تسير في اتجاه معاكس تماماً عبر زيادات متواصلة في الأسعار ورفع الدعم تدريجياً.

هذه المقارنة أثارت موجة من النقاش على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تساءل مصريون عن سبب "تحميل المواطن ثمن كل الإصلاحات الاقتصادية"، في حين اختار النظام السوري تخفيف العبء ولو جزئياً عن كاهل المستهلك.