لم يكن المشهد الذي بثته هيئة البث العبرية لمجرد لقطة دعائية كما أرادت آلة الاحتلال الإسرائيلي أن تُصوّره.
الدبابة المتقدّمة ببطء نحو جسد رجل مقاوم، لتدهسه تحت جنازيرها وسط سحابة من الغبار، لم تكن تسجّل “انتصاراً” كما زعموا، بل كانت توثّق لحظة استشهاد رجل حمل اسماً وقضية أكبر من الحديد والنار.

ذلك الرجل هو عبد الله خليل حامد عابدين، المعروف بـ “أبو فراس”، المحامي الذي فضّل أن يترك قاعات المحاكم خلفه ليعتلي ميدان المقاومة، ويحوّل الكلمات إلى أفعال، والدفوع القانونية إلى طلقات في صدر عدوٍ لا يعرف سوى لغة القوة.
 

من المحاماة إلى ساحات القتال
نشأ “أبو فراس” في بيئة فلسطينية مشبعة بروح المقاومة، درس القانون ومارس المحاماة لسنوات، وكان بإمكانه أن يعيش حياة مهنية مستقرة، غير أنّ قناعته الراسخة أن “الوطن يُحرر بالفعل لا بالخطابات” دفعته إلى اتخاذ القرار الأصعب: ترك المكتب والملفات، والالتحاق بصفوف كتائب القسام حيث سرعان ما أصبح أحد أبرز قادة النخبة.
 

إصابة لم تُوقفه
في الاجتياح الأول لمدينة خان يونس، أصيب “أبو فراس” إصابة بالغة فقد فيها إحدى عينيه، وكادت أن تعجزه إصابة أخرى. كثيرون ظنّوا أن رحلته انتهت، لكن الرجل واجه جراحه بابتسامة، مردداً عبارته الشهيرة: “الجهاد لا يتوقف بجراح”، ومنذ ذلك الحين، صار نموذجاً حياً على أن الإرادة أقوى من الألم.
 

بطل المعارك الكبرى
شارك “أبو فراس” في عملية السابع من أكتوبر، وكان في الصفوف الأمامية لاقتحامات نوعية استهدفت مواقع عسكرية إسرائيلية، قاد رجاله بثبات، ونجا من عدة محاولات اغتيال كان آخرها قبل أسبوعين فقط من استشهاده، عرفه رفاقه قائداً مقداماً، يزرع فيهم الثبات، ويصرّ أن يقود من الأمام لا من الخلف.
 

معركة خان يونس الأخيرة
خلال المعركة الأخيرة جنوب خان يونس، اقتحمت مجموعة من مقاتلي القسام موقعاً عسكرياً للاحتلال، استُهدفت دبابات “ميركافا 4” بالعبوات الناسفة والقذائف، وتمت مهاجمة منازل تحصّن بها الجنود، كان “أبو فراس” في مقدمة الصفوف، يقاتل حتى لحظة الطوق، وحين أحاطت الدبابات بالمكان، رفض الانسحاب.

تقدمت دبابة إسرائيلية نحوه ودهسته أمام الكاميرات، وأراد الاحتلال أن يُظهر المشهد كـ“نصرٍ ساحق”، لكن ما ظهر في الحقيقة كان شهادةً دامغة على صلابة رجلٍ قاوم حتى آخر لحظة، فقد بدا واقفاً بشجاعته حتى وهو يسقط شهيداً.
 

إرث لا يُمحى
لم يكن “أبو فراس” مجرد مقاتل، كان معلماً للأجيال الجديدة من المقاتلين، ينقل لهم فنون القتال وروح الصبر والثبات، ابتسامته التي لم تفارقه حتى في أحلك الظروف، تركت أثراً عميقاً في نفوس من عايشوه.

رحل أبو فراس، لكن قصته باقية، تحكي للأجيال أن الاحتلال قد يسحق الجسد، لكنه لا يستطيع أن يسحق الفكرة، ولا أن يطفئ شعلة المقاومة في قلوب الأحرار.
 

شاهد الفيديو:
https://x.com/tamerqdh/status/1958175374526783895
https://x.com/Rd_fas1/status/1958180433213972764
https://x.com/athmane_dza/status/1958194256750727458
https://x.com/tamerqdh/status/1958175374526783895
https://x.com/wasem_sad22/status/1958187338674131374
https://x.com/AltSawt/status/1958223642195583371