راهن الكيان الصهيوني والحلفاء الداعمون له على كسر الشعب الفلسطيني والقضاء التام على المقاومة، لكنهم فشلوا في ذلك على الرغم من فداحة الخسائر البشرية التي تكبدها الفلسطينيون طيلة عامين من العدوان الصهيوني على غزة.
فقد خلّف العدوان، وضعًا إنسانيًا غاية في البؤس والصعوبة لأكثر من مليوني ونصف مليون شخص تحت نيران قصف متواصل طال كل شيء على الأرض، وتدمير للمنازل، واستهداف للمستشفيات وطواقم الأطباء، وإجبار السكان على النزوح من الشمال إلى الجنوب، في ظل شح الطعام ونقص المياه.
لذا، كانت الرسالة الأهم التي حملتها كلمة رئيس حركة "حماس" في غزة، خليل الحية في شرم الشيخ مساء الخميس موجهة في المقام الأول إلى الشعب الفلسطيني تحيه له على صموده وثباته طيلة عامين من القصف الصهيوني المتواصل، قائلاً إن "العالم وقف مذهولًا أمام ما قدمه أهالي قطاع غزة من تضحيات وثبات وصبر".
وأضاف: "أهالي قطاع غزة خاضوا حربًا لم يشهد لها العالم مثيلاً وتصدوا لطغيان العدو وبطش جيشه ومجازره"، موضحًا أن "أهالي غزة وقفوا كالجبال لم تفتر لهم عزيمة في وجه القتل والنزوح والجوع وفقدان الأهل وخسارة البيوت".
الشعب الفلسطيني عنوان الصمود
في واقع الأمر أراد الحية أن يرجع الحق لأهله، وأنه لولا هذا الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني لم يكن ليستمر طيلة عامين صلبًا متماسكًا متحليًا بالشجاعة في مواجهة آلة البطش الإسرائيلية على الرغم من المعاناة المتزايدة، والرهان الإسرائيلي على تفجير حالة من الغضب والسخط الشعبي تجاه المقاومة، من خلال الإمعان في تشريده وتعمد تجويعه، في واحدة من أسوأ صور المعاناة الإنسانية في العصر الحديث.
كان الشعب الفلسطيني في عيون الملايين حول العالم هو البطل الحقيقي، استطاع أن يجتذب شعوب دول العالم الحر، تعاطفًا وتضامنًا معه، ونجح ببراعة في حسم معركة الوعي لصالحه، وأفشل محاولة الكيان تشويه صورته، وإظهاره على أنه "شعب إرهابي" لا يستحق أن يحظى بحياة كريمة كما الشعوب الأخرى.
استحق الشعب الفلسطيني عن جدارة أن يُنسب إليه كل إنجاز تحقق بفضل صموده وعدم التماهي مع خطاب الكراهية تجاه المقاومة كما سعى البعض، ومنح ذلك قوة دفع هائلة للقضية الفلسطينية التي أصبحت حاضرة بقوة في كافة المحافل الدولية، وباتت الدولة الفلسطينية قاب قوسين أو أدنى من الاعتراف بها دوليًا.
الدعم الدولي للقضية
لا يمكن في هذا الإطار تجاهل الدعم الدولي المتواصل المنحاز إلى الحق الفلسطيني، المؤمن بعدالة القضية، وأحقية الشعب الفلسطيني في دولة ذات سيادة، وكان ذلك عنوانًا للمظاهرات الحاشدة التي تصدرت عناوين الأخبار في التلفزيونات ووسائل الإعلام العالمية.
هذا الموقف التضامني والدعم الشعبي الهائل لم يغفل عنه رئيس وفد "حماس" في خطابه حين حيا "كل من تضامن معنا في كل أنحاء المعمورة من أحرار العالم الذين خرجوا في مسيرات بمئات الآلاف بل بالملايين في الساحات يصدحون بالحق، ونخص أيضا المتضامنين في قوافل الإسناد والحرية برًا وبحرًا وكل من ساهم معنا بكلمة حق أمام طغيان جائر متجبر في هذه الأرض".
بطولات المقاومة
أما المقاومة فقد أذهلت بحق العالم ببطولاتها وانتصاراتها الميدانية على الرغم من أنها لا تقارن بالعدو من ناحية العتاد أو القوة البشرية، والدعم الهائل المقدم له متمثلاً في أحدث الآليات العسكرية بالعالم، وذلك بفضل شجاعة رجالها وإقدامهم في الميدان، رافضين الاستسلام مهما كانت التكلفة والتضحيات، متمسكين بحقهم في المقاومة باعتباره حقًا مشروعًا تكفله القوانين والمواثيق الدولية.
المقاومة نجحت رغم كل شيء في تكبيد العدو خسائر بشرية تكتم على أرقامها الحقيقية، ودمرت كمًا هائلاً من آلياته في معارك خاضها رجالها من النقطة صفر، ودعّم ذلك لا شك موقف "حماس" على طاولة المفاوضات.
وهو ما أشار إليه الحية، بقوله: "نقف أمام بطولات رجال المقاومة وأبطالها الذين قاتلوا من نقطة صفر وكانوا كالطود (الجبل) العظيم أمام دبابات الاحتلال وآلياته وجنوده، وأفشلوا مخططات العدو واحدا تلو الآخر".
وأردف: "كما كنتم رجالا في القتال، وكان إخوانكم رجالاً على طاولة المفاوضات، واضعين مصلحة شعبنا وحقن دمائه نصب أعيننا منذ اللحظة الأولى للمعركة".
رسائل موجزة
كما حملت كلمة رئيس "حماس" العديد من الرسائل التي يمكن إيجازها على النحو التالي:
-"تسلمنا ضمانات من الإخوة الوسطاء ومن الإدارة الأمريكية مؤكدين جميعًا أن الحرب انتهت بشكل تام".
-"سنواصل العمل مع القوى الوطنية والإسلامية لاستكمال باقي الخطوات، والعمل على تحقيق مصالح شعبنا الفلسطيني وتقرير مصيره بنفسه وإنجاز حقوقه، إلى حين إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس".
"المقاومة لا تُهزم باستشهاد قادتها، بل تزداد صلابة".
-"التهدئة لا يمكن أن تُفرض بالقوة أو عبر المجازر".