أصبح محمود بدر، مؤسس حركة "تمرد" التي قادت مظاهرات الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي، أحدث شركاء انقلاب الثالث من يوليو الذين يتم إقصاؤهم من المشهد السياسي الراهن في مصر، بعد أن سبقه شركاء آخرون إلى المصير ذاته.
في هذا اليوم الفارق من تاريخ مصر، والذي كان شاهدًا على وأد التجربة الديمقراطية في مهدها، تصدرت المشهد وزير الدفاع (آنذاك) عبدالفتاح السيسي، وظهر وقتها برفقة 14 شخصًا، العديد منهم أصبح خارج دائرة الضوء، وبعضهم أطاح به بصورة مفاجئة أحاطها الكثير من الجدل، وأثارت التساؤلات حول أسبابها.
صدقي صبحي
2013: رئيس أركان القوات المسلحة بدرجة فريق.
2014: وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة بدرجة فريق أول بعد استقالة السيسي من المنصب وإعلان الترشح للرئاسة.
2018: إقالة صبحي من منصب وزير الدفاع، على الرغم من وضع مادة بالدستور تحصن وزير الدفاع بإيعاز من السيسي حينما كان وزيرًا للدفاع لحمايته من العزل، فيما ربط محللون الإقالة آنذاك بالخلاف بين الشريكين الأبرز في الانقلاب.
محمود حجازي
2013: مدير المخابرات الحربية بدرجة لواء.
2014: رئيس أركان القوات المسلحة بدرجة فريق.
2017: إقالة حجازي من منصب رئيس الأركان، وتعيينه مستشارًا لرئيس الجمهورية للتخطيط الاستراتيجي وإدارة الأزمات.
وفسر مراقبون عزل صهر السيسي بأنها تعكس توجس قائد الانقلاب من احتمالية الإطاحة به، فيما كتب معتز حجازي نجل الفريق المقال عبارات تضامنية مع والده على صفحته بموقع "فيسبوك"، يواسيه فيها ويصفه "بالسابح ضد التيار".
محمد البرادعي
2013: رئيس حزب الدستور ومنسق عام جبهة الإنقاذ.
2015: نائب سابق لرئيس الجمهورية للشؤون الخارجية (9 يوليو 2013 حتى 14 أغسطس 2013).
استقال بعد عملية فض اعتصامي رابعة والنهضة، وغادر البلاد، فيما فسره مراقبون برفضه الفض الدموي لاعتصام أنصار الرئيس المنتخب محمد مرسي، وتحسبًا لإمكانية ملاحقته أمام المحاكم الدولية. وقد قل تفاعله إلى حد مع التطورات والأحداث في مصر، لكنه من وقت لآخر يشارك بتغريدات عن الأوضاع في مصر.
سكينة فؤاد
2012: أحد المستشارين ضمن الفريق المعاون للرئيس محمد مرسي إلا أنها قدمت استقالتها احتجاجًا على الإعلان الدستوري المكمل في نوفمبر 2012.
2013: مستشار لرئيس المحكمة الدستورية العليا، عدلي منصور (الرئيس المؤقت)، بعد الانقلاب على الرئيس مرسي.
اختفت من المشهد السياسي بعد وصول قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي إلى السلطة في 2014، واكتفت بكتابة المقالات دون أية مشاركة فعلية لها في مرحلة ما بعد الثالث من يوليو.
المستشار حامد عبدالله
2013: تولى رئاسة المجلس الأعلى للقضاء ورئيس محكمة النقض، باعتباره أكبر الأعضاء سنًا.
2014: غادر منصبه لبلوغه سن التقاعد.
2016: توفي عن عمر 73 عامًا وتشييع جثمانه في مسقط رأسه بمحافظة الشرقية.
محمود بدر
2013: مؤسس حركة تمرد.
2013: عضو بلجنة الخمسين لتعديل الدستور.
2020: انتخب عضوًا بمجلس النواب بعد انضمامه إلى تنسيقية قائمة في حب مصر الانتخابية التي دشنها اللواء سامح سيف اليزل مع عدد من الشخصيات العامة والسياسية الموالية للانقلاب، والقريبة من الأجهزة الأمنية التي أشرفت على هندسة اختيار أعضاء البرلمان.
2025: أصبح رسميًا خارج ما تسمى "القائمة الوطنية" للمرشحين لانتخابات مجلس النواب، ليعلن عدم ترشحه للانتخابات المرتقبة.
محمد عبدالعزيز
2013: مسؤول الاتصال السياسي بحركة تمرد.
2015: أعلن انضمامه إلى حملة المرشح السابق في انتخابات الرئاسة حمدين صباحي.
2020: فاز بعضوية مجلس النواب، واختير وكيلاً للجنة حقوق الإنسان.
الإمام أتعب الرئيس
لم يكن شيخ الأزهر أحمد الطيب مؤيدا لثورة يناير/كانون الثاني 2011، وكان يعتبرها "دعوة للفوضى وحراما شرعا". وقد تبدل موقفه مع مرسي بعد أن أعطى "الضوء الشرعي الأخضر" للانقلاب.
أيّد الطيب عزل مرسي وشارك في بيان الانقلاب قائلا إن ذلك يأتي "عملا بقاعدة شرعية إسلامية تقول إن ارتكاب أخف الضررين واجب شرعي، وخروج من المأزق السياسي الذي وقع فيه الشعب، بين مؤيد ومعارض، فإنني أؤيد قرار إجراء انتخابات رئاسية مبكرة".
لكن مع سقوط ضحايا بعد أيام من الانقلاب، أكد الطيب -في بيان صوتي أذيع مرة واحدة فقط- أنه لم يعلم بقرار فض اعتصام رابعة الذي أسقط آلاف القتلى والجرحى، معلنا اعتكافه في بيته "منعا لجر البلاد إلى حرب أهلية، وحتى يعرف الجميع مسؤوليته تجاه وقف نزيف الدم".
لاحقا خاض الشيخ صراعات فكرية وسياسية بارزة مع السيسي ومؤيديه، مما دفع مؤيدين للسيسي إلى المطالبة بإصدار تشريع يسمح له بعزل شيخ الأزهر، لكنها لم تحدث اختراقا ذا شأن.
كان الخلاف الأبرز بينهما يتعلق برفض الطيب مقترحات رئاسية تتعلق بنصوص شرعية وفقهية، فضلا عن "تجديد الخطاب الديني" في مشهد تكرر أكثر من مرة، حتى خاطب السيسي في أحد اللقاءات الطيب قائلا "تعبتني يا فضيلة الإمام".
هل تبدد قلق الأقباط؟
على الجانب الآخر حملت مشاركة البابا تواضروس رغبة في تبديد "قلق الأقباط" مشيرا في بيان 3 يوليو/تموز إلى أن مصر في "بداية عهد جديد ودستور جديد وتبديد لقلق الأٌقباط".
لم تضمن مشاركة البابا في الانقلاب الأمان للمسيحيين، إذ لم يكن يمر وقت إلا وتشهد كنيسة تفجيرا، بخلاف حوادث القتل المتفرقة من آن لآخر، حتى أن مسيحيي سيناء تعرضوا للتهجير القسري قبل نحو عامين إثر أعمال العنف التي تشهدها تلك المنطقة الملتهبة في السنوات الأخيرة.
ورغم ذلك لا يفوت البابا فرصة دون إعلان تأييد الأقباط والكنيسة المطلق لحكم السيسي، إذ يراه "بطلا لثورة 30 يونيو" وفق تعبيره.
السيسي من جانبه لا يفوت فرصة إلا ويداعب مشاعر المسيحيين سواء بالكلمات العاطفية، أو بتكرار زيارة الكنيسة خلال الأعياد الدينية.
تكبدنا الثمن غاليا
"كان المأمول أن تفضي 30 يونيو إلى تحقيق مبادئ الثورة، وهذا ما دعاني لقبول دعوة القوى الوطنية للمشاركة في الحكم، إلا أن الأمور سارت في اتجاه مخالف، ومن واقع التجارب المماثلة فإن المصالحة ستأتي في النهاية ولكن بعد تكبدنا ثمنا غاليا كان من الممكن تجنبه".
هذه الكلمات وردت في نص استقالة نائب رئيس الجمهورية محمد البرادعي احتجاجا على فض اعتصام أنصار مرسي، بعد نحو شهر ونصف الشهر من مشاركته في بيان الانقلاب.
بعثت مشاركة البرادعي في بيان الانقلاب كممثل للتيار المدني رسالة طمأنة للداخل والخارج حول بنود خارطة الطريق، بخلاف كونه مطلبا لتولي منصب الرئيس، قبل أن يتولي منصب نائب الرئيس المؤقت للعلاقات الخارجية ليصبح جزءا من النظام.
لاحقا وضعته استقالته من منصبه تحت سهام التخوين والمطالبة بسحب جنسيته، وبات البرادعي المقيم بالخارج وجبة شبه يومية لهجوم إعلام النظام.
وأواخر 2016، اعتبر البرادعي السيسي منقلبا على بيان 3 يوليو، مشيرا إلى أن "ما حدث جاء مخالفا لما تم الاتفاق عليه بين القوى السياسية".
وأشار إلى أن القوى المجتمعة وقت الانقلاب اتفقت على "إجراء انتخابات رئاسية مبكرة وخروج كريم لمرسي، ونظام حكم يشمل الجميع بمن فيهم الإخوان والإسلاميون، إضافة إلى بدء عملية مصالحة وطنية وحوار وطني وحل سلمي للاعتصامات".
وكأن البرادعي يتحدث عن مخالفة اتفاقات ما قبل بيان 3 يوليو، فالاعتصامات فٌضت بالقوة الغاشمة، ولا خروج كريما لمرسي تحقق، بل سجن واتهامات بالخيانة وتشويه إعلامي، وإهمال طبي أفضى إلى موته داخل قاعة المحكمة، في وقت سيطر على مصر نظام حكم شمولي، وتم تعديل الدستور لاحقا لتمديد ولاية الرئيس وهيمنة الجيش على الدولة، وخرج السيسي ليؤكد رفض المصالحة طالما وجد هو على عرش مصر.
منبوذ بالمنطقة الدافئة
لاح حلم وراثة الإخوان في أفق حزب النور الذراع السياسية للدعوة السلفية، فأيد الانقلاب على الرئيس المنتخب، أو ولي الأمر الواجب طاعته بحسب أدبيات الحزب السلفي.
في كلمته يوم الانقلاب قال الأمين العام للحزب إن دعم الإطاحة بمرسي جاء "حقنا للدماء، وحتى لا يفتح باب الحرب الأهلية، ودافعا من ديننا وشرعنا، ولعدم التجاوب مع مجهودات المصالحة".
احتل حزب النور المركز الثاني في برلمان 2012، قبل أن يتراجع كثيرا ويتم تحجيمه في برلمان ما بعد الانقلاب، كما لم يسلم قادته من سهام النقد الجارح، والمطالبة بحل الحزب باعتباره "حزبا دينيا".
ورغم بقائه في المنطقة الدافئة كذراع دينية للسيسي، وتحميل الإخوان مسؤولية أحداث العنف والدماء التي سالت عقب الانقلاب، لم يتغير موضع حزب النور ومرجعيته السلفية كـ "منبوذ" في إعلام النظام الذي ما فتئ يهاجم الحزب ورموزه بوصفه صاحب أفكار "ظلامية".
تمرد.. رابح وحيد
لعبت حركة "تمرد" على وتر أوجاع المصريين في سنة مرسي بالحكم، مطلقة حملة توقيعات لسحب الثقة منه، لأسباب بينها الغلاء وغياب الأمن وتدهور الاقتصاد.
تصدر مؤسس الحركة محمود بدر مشهد بيان يوليو/تموز، قائلا "إن إرادة الشعب انتصرت" داعيا إلى "الحفاظ على مكتسبات الثورة وبدء صفحة جديدة تقوم على المشاركة دون إقصاء لأحد بمن في ذلك الإسلاميون".
ورغم دعوته لمشاركة الجميع في الحياة السياسية بمن فيهم التيار الإسلامي، لا يفوت بدر فرصة إلا ويدعو إلى إقصاء من يصفهم بالإرهابيين، فضلا عن "الخونة والطابور الخامس" قاصدا القوى المدنية المعارضة للسيسي.
لم يترك قادة تمرد فرصة دون تأييد السيسي ونالوا بذلك من الحب جانبا، فبدر أصبح برلمانيا ورجل أعمال يستعرض سيارته الفارهة على مواقع التواصل الاجتماعي، ليصبح الرابح الوحيد من حركة تمرد، وصديقه محمد عبد العزيز بات عضوا بالمجلس القومي لحقوق الإنسان، قبل أن تختفي الحركة التي قادت الحراك ضد مرسي من الشارع تماما، رغم تضاعف الأزمات التي لعبت على أوتارها.
أما حسن شاهين ثالث الثلاثة الذين قادوا الحركة إعلاميا، فقد انضم لحملة حمدين صباحي للانتخابات الرئاسية وبعد خسارته اختفى تماما، لاعتبارات "عدم تحقيق الثورة مطالبها بالكامل" كما أعلن بعض نشطاء الحركة ندمهم على المشاركة في الانقلاب، وتحدث آخرون عن تمويلات مشبوهة كان قادة الحركة يتلقونها لتفعيل حركتهم ضد مرسي، وهو ما كشفته تسريبات أذاعتها قنوات معارضة حول حساب بنكي لحركة تمرد يتحكم فيه الجيش.