رغم مرور أسابيع على إعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة "حماس" برعاية مصرية – قطرية – تركية، ما يزال قطاع غزة يعيش تحت وطأة القصف، والمعاناة، والدمار الشامل. فوقف النار الذي أُعلن في التاسع من أكتوبر الجاري لم يوقف نزيف الدم الفلسطيني، إذ واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي خروقاته اليومية، عبر قصف مدفعي وجوي واستهداف للمدنيين، في مشهد يعكس هشاشة الاتفاق واستمرار سياسات العقاب الجماعي بحق السكان.

 

انتهاكات مستمرة رغم وقف إطلاق النار

 

أفاد مراسلون ميدانيون في قطاع غزة بأن القصف المدفعي الإسرائيلي لا يزال متواصلاً على طول "السياج الحدودي"، بينما رُصدت تحركات مكثفة لآليات عسكرية ودبابات إسرائيلية داخل القطاع، في ظل غيابٍ تام لأي رقابة دولية فعالة.

 

ووفق ما نقلته وسائل إعلام فلسطينية، فقد استهدفت المدفعية الإسرائيلية صباح الأحد مخيمي المغازي والبريج وسط القطاع، تزامناً مع قصفٍ مدفعي آخر شرقي خان يونس جنوباً، وقصف من الزوارق الحربية طال مراكب الصيادين قبالة سواحل مدينة غزة، ما أدى إلى أضرار جسيمة في المراكب وتعطيل أعمال الصيادين الذين يعانون أصلاً من حصار خانق.

 

وقال زكريا بكر، مسؤول لجان الصيادين في غزة، إن الاحتلال "يواصل اعتقال الصيادين وإلقاءهم في البحر"، مؤكداً أن "الاحتلال يعمل على تدمير شامل لمراكبهم ومصادر رزقهم"، مشيراً إلى أن عشرة صيادين اعتقلوا خلال الأيام الماضية، فيما أُلقي سبعة آخرون في المياه بعد مصادرة قواربهم.

 

شهداء جدد وانهيار مبانٍ مدمّرة

 

وفي تطور مأساوي جديد، استشهدت طفلة وأُصيب عدد من الفلسطينيين مساء أمس السبت، إثر انهيار مبنى متضرّر في مدينة غزة. وتُظهر هذه الحادثة الخطيرة المخاطر الكارثية التي تمثلها المباني المدمّرة أو الآيلة للسقوط بعد عامين من القصف المتواصل، في وقت تعجز فيه البلديات عن إزالة الركام بسبب نقص المعدات والوقود ومنع دخول الآليات من قبل سلطات الاحتلال.

 

وقالت مصادر طبية إن انهيار مبنى آخر في حيّ الصبرة جنوب المدينة أدى إلى استشهاد طفلة وإصابة ثلاثة آخرين بجروح متفاوتة. وأكدت وزارة الصحة أن عدد الشهداء منذ إعلان وقف إطلاق النار بلغ 93 شهيداً و324 مصاباً، إضافة إلى انتشال 464 جثماناً من تحت الأنقاض، في حصيلة غير نهائية.

 

الاحتلال يستهدف ناشطاً من "الجهاد الإسلامي"

 

في خرق جديد للتهدئة، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه نفّذ ضربة جوية "دقيقة" في مخيم النصيرات وسط القطاع، أسفرت عن اغتيال ناشط من حركة "الجهاد الإسلامي". 

 

وقال المتحدث العسكري الإسرائيلي إن "العملية جاءت لإحباط مخطط إرهابي وشيك"، فيما أفادت مصادر طبية بوصول أربعة مصابين إلى مستشفى العودة، أحدهم في حالة حرجة.

 

وتعد هذه المرة الأولى التي يعلن فيها الجيش الإسرائيلي استهداف عناصر مقاومة منذ سريان اتفاق وقف النار، ما أثار مخاوف من انهيار التهدئة وعودة المواجهات الشاملة.

 

كارثة إنسانية بلا نهاية

 

الوضع الإنساني في غزة لا يزال على حافة الانهيار الكامل.


فقد أعلنت وزارة الصحة أن 19 فلسطينياً استُشهدوا خلال الـ48 ساعة الماضية، معظمهم جراء القصف المدفعي، فيما انتُشل 15 جثماناً جديداً من تحت الركام. وأشارت إلى وجود عشرات الجثامين العالقة بسبب عجز طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليها في ظل الحصار المستمر ونقص الوقود والمعدات.

 

وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 90% من البنية التحتية المدنية في القطاع دُمّرت بالكامل، وأن نحو مليوني فلسطيني يعيشون بلا مأوى أو مياه صالحة للشرب.