تواصل السلطات للعام الثاني على التوالي، احتجاز الطالب الجامعي علي محمد علي أبو المجد، البالغ من العمر 25 عامًا، أحد شباب ثورة 25 يناير، بعد أن شارك في تظاهرات شعبية سلمية دعماً للقضية الفلسطينية ورفضاً للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.


ورغم مرور أكثر من عامين كاملين على اعتقاله، لا يزال الطالب يقبع رهن الحبس الاحتياطي، في واحدة من القضايا التي يرى مراقبون وحقوقيون أنها تمثل نموذجًا لاستمرار سياسة الحبس الاحتياطي المفتوح التي تُستخدم كأداة عقابية ضد النشطاء والمشاركين في الفعاليات السياسية السلمية.

 

◾️ اعتقال مفاجئ بعد تظاهرات دعم غزة


تعود تفاصيل الواقعة إلى مساء السبت 21 أكتوبر 2023، حينما داهمت قوة أمنية بملابس مدنية منزل الطالب علي أبو المجد في منطقة بولاق الدكرور بالجيزة، بعد يوم واحد فقط من مشاركته في التظاهرات التي شهدتها عدة محافظات تضامنًا مع غزة ورفضًا للجرائم الإسرائيلية ضد المدنيين.

 

وأظهرت مقاطع فيديو وثقتها الشبكة المصرية لحقوق الإنسان لحظة اقتحام المنزل وقيام ثلاثة أفراد من عناصر الأمن باعتقال الطالب، وسط صدمة أسرته وجيرانه الذين لم يعلموا إلى أين تم اقتياده.

 

وعقب الحادثة، توجهت أسرته إلى قسم الشرطة التابع للمنطقة للسؤال عن مكانه، إلا أن الجهات الأمنية نفت علمها بالواقعة أو بمكان احتجازه، ليختفي الشاب قسريًا لمدة أسبوع كامل داخل أحد مقار الأمن الوطني السرية في الجيزة، بحسب ما وثقته الشبكة الحقوقية.

 

◾️ ظهور مفاجئ أمام نيابة أمن الدولة


بعد مرور أسبوع من الإخفاء القسري، ظهر الطالب للمرة الأولى أمام نيابة أمن الدولة العليا يوم 28 أكتوبر 2023، حيث تم التحقيق معه في القضية رقم 2468 لسنة 2023 حصر أمن دولة عليا، بتهم وصفها الحقوقيون بـ"الملفقة" ومن بينها: الانضمام إلى جماعة أُسست على خلاف أحكام القانون، والتجمهر، واستخدام العنف، ونشر أخبار كاذبة.

 

وقررت النيابة حبسه احتياطيًا لمدة 15 يومًا على ذمة التحقيق، ليبدأ منذ ذلك الحين فصل جديد من الاحتجاز المتواصل دون محاكمة حقيقية.

 

◾️ عامان من التجديد المستمر للحبس


ورغم مرور عامين على احتجازه، لم يُقدَّم الطالب للمحاكمة، بل استمر تجديد حبسه الاحتياطي دوريًا بقرارات تصدرها دوائر الإرهاب بمحاكم الجنايات.


وخلال الأسابيع الماضية، قررت الدائرة الثالثة إرهاب بمحكمة جنايات القاهرة تجديد حبسه لمدة 45 يومًا إضافية، لتستمر معاناته ومعاناة أسرته التي لم تفقد الأمل في الإفراج عنه.

 

وتشير الشبكة المصرية لحقوق الإنسان إلى أن الطالب لم يرتكب أي جرم سوى ممارسة حقه الدستوري في التعبير السلمي عن الرأي والتضامن مع الشعب الفلسطيني، مؤكدة أن استمرار حبسه يُعد مخالفة صريحة للقانون المصري والدستور والمواثيق الدولية التي تكفل حرية التعبير والتظاهر السلمي.

 

◾️ خلفية نضالية منذ الطفولة


اللافت أن "علي أبو المجد" ليس ناشطًا طارئًا على المشهد العام، فبحسب الشبكة الحقوقية، شارك منذ صغره في فعاليات ثورة 25 يناير 2011 وهو لم يتجاوز الحادية عشرة من عمره، وكان من بين الشباب الذين آمنوا بضرورة التغيير السلمي وبناء وطن ديمقراطي يضمن حرية الرأي والمشاركة السياسية.

 

ويصف مقربون منه الطالب بأنه هادئ الطباع ومجتهد دراسيًا، يدرس في كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، وكان يستعد للتخرج قبل أن يُعتقل، ليجد نفسه خلف القضبان بدلًا من مقاعد الدراسة.

 

◾️ أصوات حقوقية تطالب بالإفراج عنه


طالبت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، ومعها عدد من المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، السلطات بالإفراج الفوري وغير المشروط عن الطالب علي أبو المجد، وعن كل المحتجزين على خلفية التعبير السلمي أو المشاركة في فعاليات دعم فلسطين.


كما دعت إلى إنهاء سياسة الحبس الاحتياطي الممتد التي تُستخدم كعقوبة غير معلنة خارج نطاق القضاء الطبيعي.

 

وأكدت الشبكة أن استمرار احتجاز أبو المجد وغيره من الشباب يتنافى مع موجة الإفراجات الأخيرة التي شملت نحو 20 مواطنًا من بين المتهمين في القضايا المرتبطة بالتظاهر دعمًا لفلسطين، ومن ضمنها نفس القضية التي يُحاكم فيها الطالب.

 

◾️ الإفراج عن آخرين.. واستمرار معاناة البعض


وفي مطلع أكتوبر الجاري، أخلت نيابة أمن الدولة العليا سبيل عدد من المحتجزين على ذمة قضايا مشابهة، مثل القضية رقم 2468 لسنة 2023 والقضية 2635 لسنة 2023، وهما القضيتان اللتان برزتا بعد اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر 2023.


لكن رغم ذلك، ظل بعض النشطاء والطلاب — ومنهم علي أبو المجد — رهائن قرارات التجديد المتكررة دون إحالة للقضاء أو توجيه تهم مثبتة بالأدلة.