على الرغم من العلاقة المميزة التي ربطت قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي بكل من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة محمد بن زايد، إلا أن أيًا منهما لم يحضر حفل افتتاح المتحف المصري الكبير، في ظل حضور العديد من قادة وممثلي رؤساء دول العالم، وهو ما أثار تساؤلات حول أسباب ذلك.

 

لا يخفى أن العلاقة بين السيسي وكل من بن سلمان وبن زايد ليست على ما يرام خلال الفترة الأخيرة، بعد سنوات من اعتماده على المساعدات المرسلة من الرياض وأبوظبي لترسيخ أركان نظامه الانقلابي في مصر عقب الانقلاب على الرئيس محمد مرسي.

 

قمة شرم الشيخ 

 

ليس بخاف أن هذا التباين قد عكسه غياب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة محمد بن زايد آل نهيان عن قمة شرم الشيخ في أكتوبر الماضي، للتوقيع على وثيقة وقف إطلاق النار في غزة، بموجب خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

 

وبحسب موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، نقلًا عن مصادر خليجية ومصرية، فإن القيادتين الخليجيتين تعمدتا عدم الحضور للتأكيد على أن القاهرة لن تكون اللاعب الوحيد في ملف غزة أو في رسم ملامح المرحلة المقبلة، خاصة في ظل تصاعد الدور المصري خلال مفاوضات التهدئة الأخيرة.

 

وتحدثت تقارير تناولت أسباب هذا الغياب عن خلافات في المواقف بين الدول العربية، خصوصًا فيما يتعلق بمراحل الاتفاق المقبلة وربط إعادة إعمار القطاع بنزع سلاح حركة "حماس".

 

إذ أن دول الخليج ترفض ضخ أموال أو موارد اقتصادية إذا لم تُنزع أسلحة "حماس" بالكامل، معتبرة أن ذلك شرط ضروري لتجنّب حرب جديدة قد تُبدّد استثماراتها. 

 

علاوة على أن عقد القمة في مصر من شأنه أن يعزّز من مكانته الإقليمية، وهو ما لا يلقى ترحيبًا كبيرًا في الرياض وأبوظبي، اللتين تعتبران نفسيهما قائدتين طبيعيتين للعالم العربي بفضل ما تمتلكانه من موارد ونفوذ.

 

تباين الرؤى 

 

لذا، كان من الطبيعي وغير المفاجئ أن يتغيب بن محمد بن سلمان ومحمد بن زايد عن حفل افتتاح المتحف المصري الكبير، بسبب التباين في الرؤى في الملف الفلسطيني، وتقديم الدعم من جانب الإمارات لقوات الدعم السريع في السودان.

 

وأثار معلقون مصريون الكثير من التساؤلات حول أسباب الصمت الرسمي في مصر تجاه التطورات الأخيرة في الفاشر، بعد أن أحكمت قوات الدعم السريع المدعومة إماراتيًا السيطرة عليها إثر حصار دام شهورًا.

 

وبحسب تحقيقات استقصائية وبيانات صدرت عن جهات تابعة للأمم المتحدة، فقد دعمت الإمارات قوات الدعم السريع في حربها ضد الجيش السوداني بأشكال مختلفة، إلى جانب استمرار تدفق الذهب السوداني الخام إلى الإمارات والذي استخدمه الدعم السريع عائداته في التسليح.

 

واتهم مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير الحارث إدريس، خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي، الإمارات بلعب دور مباشر في تأجيج النزاع السوداني عبر دعم وتسليح قوات الدعم السريع، محذرًا من أن استمرار هذا التدخل يهدد أمن السودان والمنطقة بأسرها، ويقوض الجهود الدولية الرامية إلى وقف الحرب واستعادة الاستقرار.

 

على جانب آخر، لم يتغير الموقف السياسي المصري في تقديم الدعم للجيش السوداني، وقد ربطت تقارير متزايدة استعادة الحكومة المركزية السيطرة على العاصمة الخرطوم بالإمدادات العسكرية التي حصلت عليها من مصر.

 

ورد قائد قوات الدعم السريع على ذلك بتوجيه الاتهام إلى مصر، بـ "شن ضربات جوية على قواته"، كما اتهم القاهرة بـ"تدريب الجيش السوداني وإمداده بطائرات مسيرة" في الحرب المستمرة منذ 18 شهر تقريبًا في السودان.

 

ولاشك أن التطورات الأخيرة في السودان، والانتهاكات واسعة النطاق التي شهدتها مدينة الفاشر قد ألقت بظلالها على العلاقات بين مصر والإمارات في الآونة الأخيرة، بالنظر إلى ما يمثله السودان من عمق استراتيجي لمصر، وفي ظل المخاوف من احتمالية تقسيم السودان إلى دولتين، عقب سيطرة الدعم السريع على دارفور.