تشهد محافظة المنوفية، إحدى محافظات الدلتا ذات الكثافة السكانية العالية، تزايداً في الشكاوى الشعبية المتعلقة بتدهور مستوى الخدمات الصحية المقدمة في عدد من مستشفياتها المركزية والعامة. وتتركز هذه الشكاوى حول الإهمال وسوء المعاملة وتعطل الأجهزة الحيوية، مما يثير قلق الأهالي بشأن جودة الرعاية الصحية المتاحة لهم.

 

مستشفى السادات المركزي: انهيار الخدمات وسوء المعاملة

 

تعد مستشفى السادات المركزي، التي تخدم ما يقرب من 300 ألف مواطن بالإضافة إلى المناطق الصناعية، بؤرة للشكاوى المتكررة. وتشير التقارير المتداولة مؤخراً (أكتوبر 2025) إلى "انهيار في الخدمات" و"سوء معاملة للمرضى"  من قبل بعض الأطقم الطبية والتمريضية، مع غياب لآليات الاستماع الفعّال للشكاوى. ورغم أن وكيل وزارة الصحة بالمنوفية قام بزيارة للمستشفى في سبتمبر 2025 واستمع لشكاوى المرضى ووعد بتلافي القصور، إلا أن استمرار الشكاوى يشير إلى أن الإجراءات المتخذة لم تحقق الأثر المطلوب بعد.

 

مستشفى منوف العام: الإهمال يضرب أقدم المستشفيات

 

لا يختلف الوضع كثيراً في مستشفى منوف العام، التي تعد من أقدم مستشفيات المحافظة. حيث تتحدث الشكاوى عن "إهمال جسيم" و"سوء تشخيص"، وقد وصل الأمر إلى حد تسجيل حالات وفاة مرتبطة بـ "خطأ طبي" مزعوم في يناير 2025 .

 

وتظهر التقارير الصحفية أن الإهمال في المستشفى ليس ظاهرة حديثة، بل يعود لسنوات سابقة ، مما يضع علامات استفهام حول فعالية الرقابة والإدارة في هذا المرفق الحيوي. وفي استجابة حديثة (أكتوبر 2025)، وجه وكيل وزارة الصحة بالمنوفية بالتحقيق العاجل في مخالفات بالمستشفى، مما يؤكد وجود مشكلات إدارية وخدمية قائمة.

 

مستشفى الباجور: أزمة الغسيل الكلوي بين التعطل والتطوير

 

تتركز الشكوى الرئيسية حول مستشفى الباجور التخصصي في تعطل أجهزة الغسيل الكلوي لسنوات، وهي مشكلة تمس حياة مرضى الفشل الكلوي بشكل مباشر. ورغم أن المستشفى شهدت جهوداً لتطوير وحدة الغسيل الكلوي وافتتاحها في أغسطس 2022، وتركيب ماكينات جديدة، إلا أن استمرار الشكوى يشير إلى أن المشكلة قد تكون أعمق، تتعلق إما بالصيانة الدورية للأجهزة أو نقص في عددها مقارنة بأعداد المرضى. وتؤكد التقارير أن وحدة الغسيل الكلوي بالباجور تخدم عدداً كبيراً من المرضى، مما يجعل أي تعطل في الأجهزة يمثل تهديداً حقيقياً لحياتهم.

 

مستشفى سرس الليان: غياب الخدمة والرقابة المفاجئة

 

أما مستشفى سرس الليان العام، فتعاني من شكاوى حول "غياب الخدمة" رغم كونها مبنى حديث التشطيبات.

 

وقد أدت هذه الشكاوى إلى تحرك رسمي مؤخراً، حيث قام محافظ المنوفية بزيارة مفاجئة للمستشفى (أكتوبر 2025)، ورصد مخالفات أدت إلى استبعاد مدير المستشفى وإحالة 84 من العاملين للتحقيق بسبب التغيب والتقصير.

 

هذا التحرك يؤكد صحة الشكاوى المتعلقة بالإهمال الإداري وغياب الانضباط، ويشير إلى أن المشكلة تكمن في تفعيل الإمكانيات المتاحة وتطبيق الرقابة الصارمة.

 

مطالب الأهالي والحلول المقترحة

 

تتفق مطالب أهالي المنوفية على ضرورة إجراء "ثورة تصحيح" شاملة في القطاع الصحي بالمحافظة. وتشمل هذه المطالب:

 

1.تفعيل الرقابة الدورية والمفاجئة على جميع المستشفيات، وعدم الاكتفاء بالزيارات المعلنة.

 

2.توفير الصيانة الفورية والدورية للأجهزة الحيوية، خاصة وحدات الغسيل الكلوي، لضمان استمرارية الخدمة.

 

3.تحسين بيئة العمل للأطقم الطبية لضمان تقديم خدمة إنسانية ومهنية للمرضى.

 

4.إنشاء آليات فعالة ومستقلة لتلقي الشكاوى والتعامل معها بجدية وسرعة، كما تم التوجيه به مؤخراً في بعض المستشفيات.

 

إن تدهور الخدمات الصحية في مستشفيات المنوفية يمثل تحدياً يواجه آلاف المواطنين. ورغم وجود استجابات رسمية وتحقيقات، إلا أن استمرار الشكاوى يؤكد الحاجة إلى خطة إصلاح شاملة ومستدامة تضمن حق المواطن في الحصول على رعاية صحية كريمة وموثوقة.