تُجرى انتخابات مجلس النواب المصري لعام 2025 على مرحلتين. المرحلة الأولى بدأت بتصويت المصريين في الخارج يومي 7 و8 نوفمبر 2025، وتستكمل داخل مصر يومي 10 و11 نوفمبر 2025. بينما تشمل المرحلة الثانية تصويت المصريين في الخارج يومي 21 و22 نوفمبر 2025، وداخل مصر يومي 24 و25 نوفمبر 2025. ومن المتوقع إعلان نتائج المرحلة الأولى يوم 18 نوفمبر 2025، والمرحلة الثانية يوم 2 ديسمبر 2025، مع إجراء جولات الإعادة في حال الحاجة لها في مواعيد محددة بين نوفمبر وديسمبر 2025.

 

تأتي هذه الانتخابات ضمن الاستحقاقات البرلمانية الدورية لاختيار أعضاء المجلس في مختلف الدوائر، تحت إشراف الهيئة الوطنية للانتخابات، وسط جدل واسع حول نزاهة العملية الانتخابية ومستوى المشاركة الشعبية، خاصة مع التعتيم على صور الناخبين في الخارج وتراجع الإقبال مقارنة بالانتخابات السابقة.

 

غياب الصور والعزوف سيد الموقف

 

شهدت المرحلة الأولى من انتخابات المصريين في الخارج جدلاً واسعاً حول مستوى الإقبال، إذ امتنعت الهيئة الوطنية للانتخابات لليوم الثاني على التوالي عن نشر صور الناخبين في اللجان. وفسر مراقبون هذا الصمت بأنه محاولة للتعتيم على ضعف المشاركة، خصوصاً بعد التجارب السابقة التي كشفت عزوفاً واضحاً للمصريين عن التصويت في الخارج.

 

في الانتخابات الماضية، كانت الهيئة تميل إلى نشر صور من لجان التصويت لإظهار زخم انتخابي، حتى لو كانت الصور مكررة أو غير دقيقة. لكن هذه المرة اختفت الصور تماماً، كما التزمت معظم السفارات بالصمت، باستثناء صورة وحيدة لسفير مصر في موسكو أمام صندوق يبدو خالياً. ويأتي هذا التوجه بعد إحراج كبير أعقب انتخابات مجلس الشيوخ في أغسطس الماضي، التي كشفت عزوفاً شبه كامل للمصريين بالخارج.

 

إقبال محدود قائم على العاملين بالسفارات والدوائر العائلية

 

رغم الخطاب الرسمي الذي يشير إلى "إقبال جيد"، تؤكد مصادر مطلعة أن أعداد المصوتين الفعلية تكاد تقتصر على العاملين بالسفارات وبعض أقارب المرشحين، خصوصاً في دول الخليج مثل الكويت والسعودية والأردن. ويعتمد الحشد هناك على الاعتبارات العائلية والقبلية، لا على قناعة سياسية أو شعور بجدوى المشاركة.

 

جدلية المال السياسي وارتفاع تكلفة المقاعد البرلمانية

 

تشير أحاديث سياسية وإعلامية إلى أن تكلفة الحصول على مقعد برلماني قد تجاوزت سبعين مليون جنيه في بعض الدوائر، ما حول العملية الانتخابية إلى فضاء مالي يُحسم نتائجه قبل التصويت الفعلي. وتعتبر هذه الظاهرة مؤشراً على تحول الانتخابات إلى مزاد سياسي، بعيداً عن المنافسة الديمقراطية الحقيقية.

 

تكلفة انتخابية ضخمة مقابل أزمة اقتصادية متصاعدة

 

تؤكد مصادر حكومية أن التكلفة الإجمالية لإجراء الانتخابات، داخل مصر وخارجها، تجاوزت ستة مليارات جنيه، ما يثير تساؤلات حول أولويات الإنفاق في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية وتراجع قيمة الجنيه أمام الدولار. ويشعر كثيرون بأن هذا الإنفاق على انتخابات شكلية لا يعكس احتياجات المجتمع الملحة.

 

تساؤلات حول الإشراف القضائي ونزاهة العملية

 

يثير إشراف أعضاء من هيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة بدلاً من القضاة، جدلاً واسعاً حول نزاهة الانتخابات، خصوصاً بعد إلغاء الإشراف القضائي الكامل بحلول 2024. وترى المعارضة أن هذا التغيير يعزز سيطرة السلطة التنفيذية على نتائج الاقتراع ويضعف ثقة المواطنين في العملية.

 

فجوة متزايدة بين الخطاب الرسمي وواقع المشاركة

 

في المحصلة، يعكس المشهد الانتخابي أزمة ثقة متصاعدة بين المصريين والمنظومة السياسية. العزوف الشعبي أصبح عنواناً لأي انتخابات، سواء في الداخل أو الخارج. وبينما تحاول السلطة تقديم صورة عن مشاركة جيدة، تتسع الفجوة بين هذه الصورة وما يظهره الواقع، لتظل الانتخابات في مصر مجرد مسرحية شكلية تفتقد للجدوى والمصداقية.