شهدت الطرق والمحاور الرئيسية في مصر، أمس الأحد 21 ديسمبر 2025، يوماً مأساوياً جديداً يُضاف إلى سجل حوادث الطرق الدامي، حيث استيقظ المواطنون على سلسلة من الحوادث المروعة التي خلفت وراءها ما لا يقل عن 5 وفيات وأكثر من 35 مصاباً بإصابات تنوعت بين الخطيرة والمتوسطة. من الطريق الصحراوي بالبحيرة إلى الطريق الدائري بالجيزة، وصولاً إلى الطريق الإقليمي، كانت سيارات الإسعاف تسابق الزمن لنقل الضحايا، وسط حالة من الذعر والحزن خيمت على المشهد العام، لتعيد هذه الحوادث فتح ملف "نزيف الأسفلت" الذي يلتهم أرواح المصريين يومياً دون هوادة.
تنوعت أسباب الحوادث اليوم بين السرعة الجنونية، واختلال عجلة القيادة، ورعونة سائقي النقل الثقيل، إلا أن النتيجة كانت واحدة: دماء تسيل على الطرقات وأسر مكلومة تفقد أحباءها في لحظات. وفيما يلي تفاصيل هذا اليوم الدامي الذي عاشته المحافظات المصرية.
مأساة "الصحراوي": 4 جثث و19 مصاباً في "ميكروباص الموت"
بدأت فصول المأساة صباح اليوم على طريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوي، وتحديداً عند الكيلو 106 بنطاق مدينة وادي النطرون في محافظة البحيرة. حيث تحولت رحلة ركاب سيارة ميكروباص، كانوا في طريقهم لكسب قوت يومهم، إلى كابوس مروع إثر اصطدام عنيف مع سيارة نقل ثقيل (تريلا).
أسفر الحادث عن مصرع 4 أشخاص في الحال، تحولت جثث بعضهم إلى أشلاء نتيجة قوة الاصطدام، بينما أصيب 19 آخرون بكسور وجروح وكدمات متفرقة في أنحاء الجسد. وهرعت 10 سيارات إسعاف إلى موقع الحادث لنقل الضحايا إلى مستشفى وادي النطرون التخصصي، حيث أعلنت الطوارئ لاستقبال الأعداد الكبيرة من المصابين.
وكشفت التحريات الأولية أن الضحايا معظمهم من مركز أشمون بمحافظة المنوفية، وكانوا في طريقهم للعمل بالمزارع والمصانع المنتشرة في المنطقة الصحراوية. ومن بين الضحايا الذين تم التعرف عليهم شباب في مقتبل العمر وفتيات قاصرات، دفعن حياتهن ثمناً لرحلة البحث عن الرزق، في مشهد بات يتكرر بصورة شبه يومية على هذا الطريق الحيوي الذي يصفه مرتادوه بـ"طريق الموت" نظراً لكثرة الحوادث التي تقع عليه بسبب السرعات العالية وسير النقل الثقيل.
جحيم "المريوطية": "تريلا" تسقط من السماء وتحرق ما تحتها
لم يكد يمر وقت قصير على حادث الصحراوي، حتى اهتزت منطقة المريوطية بالجيزة على وقع حادث سينمائي مرعب في الساعات الأولى من صباح اليوم. فقد سقطت سيارة نقل ثقيل (تريلا) محملة بالبضائع من أعلى الطريق الدائري (منطقة القوس الغربي) لتستقر أسفل الكوبري في شارع ترسا، مخلفة دماراً واسعاً.
بدأت الكارثة عندما اختلت عجلة القيادة بيد السائق، ما أدى لاصطدامه بثلاث سيارات ملاكي أعلى الكوبري، قبل أن يكسر الحاجز الحديدي ويسقط بسيارته من الارتفاع الشاهق. وبمجرد ارتطام السيارة بالأرض، انفجر خزان الوقود، ما أدى إلى اشتعال النيران فيها وامتداد ألسنة اللهب إلى مقهى (كافية) وعقار سكني ملاصق لموقع السقوط، بالإضافة إلى تفحم عدد من السيارات التي كانت متوقفة أسفل الكوبري.
الحادث أسفر عن مصرع سائق التريلا حرقاً داخل كابينة القيادة، حيث فشلت محاولات الأهالي في إنقاذه بسبب كثافة النيران، بينما عاش سكان المنطقة لحظات من الرعب خوفاً من انهيار أجزاء من العقار المتضرر. ونجحت قوات الحماية المدنية التي دفعت بـ 5 سيارات إطفاء في السيطرة على الحريق قبل امتداده لباقي الوحدات السكنية، فيما قامت الأوناش برفع حطام السيارة المتفحمة لفتح الطريق الذي توقفت حركته تماماً لعدة ساعات.
كارثة "الإقليمي": 16 مصاباً في تصادم جرار وميكروباص
واستكمالاً لمسلسل الحوادث، شهد الطريق الدائري الإقليمي بنطاق مدينة السادس من أكتوبر حادثاً مروعاً آخر اليوم، أسفر عن إصابة 16 شخصاً بإصابات بالغة. وقع الحادث نتيجة تصادم عنيف بين جرار زراعي يسير ببطء وعشوائية، وسيارة ميكروباص مسرعة كانت تقل عمالاً وموظفين.
وبحسب شهود العيان، فقد فوجئ سائق الميكروباص بالجرار يقطع الطريق بشكل مفاجئ، ولم يتمكن من تفاديه، ما أدى إلى انقلاب الميكروباص عدة مرات على جانب الطريق. وتناثرت دماء الركاب ومتعلقاتهم الشخصية على الأسفلت، في مشهد يدمي القلوب.
وانتقلت الأجهزة الأمنية وسيارات الإسعاف إلى موقع البلاغ، حيث تم نقل المصابين الـ 16 إلى مستشفى 6 أكتوبر المركزي ومستشفى الشيخ زايد التخصصي لتلقي العلاج. وتنوعت الإصابات بين نزيف داخلي، وكسور في العمود الفقري، وجروح قطعية عميقة، ما استدعى حجز عدد منهم في غرف العناية المركزة لخطورة حالتهم.
هذه الحوادث الثلاثة الكبرى، بجانب حوادث فرعية أخرى أقل ضراوة، جعلت من يوم الأحد 21 ديسمبر 2025 يوماً حزيناً في البيوت المصرية، وجددت المطالب بضرورة تشديد الرقابة على الطرق السريعة، ووضع حد لفوضى النقل الثقيل، وصيانة شبكات الطرق التي باتت مصيدة لأرواح الأبرياء.

