في محاولة يائسة لإخفاء فشلها المدوي في تسويق وحداتها السكنية وأراضيها، تقدمت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بشراكة مع المصرف المتحد وشركة "الأولى" تتيح تمويلاً يصل إلى 100% من قيمة الوحدة أو الأرض. هذه الخطوة، التي تُسوَّق كحل سحري لأزمة السكن، ليست سوى فخ مالي جديد يُلقي بالعبء على كاهل الطبقة الفقيرة والمتوسطة، بينما يجني المصارف والشركات الخاصة أرباحاً طائلة من فوائد الفائدة المركبة.

 

بدلاً من خفض الأسعار أو الوفاء بوعود "سكن لكل المصريين"، رفعت الحكومة أسعار الوحدات بنسبة 400% في مشاريع مثل "حكايات التجمع" بالقاهرة الجديدة، وفشلت في بيعها رغم التعاقد مع شركات تسويق خاصة، مما يُثبت أن "حكومة الانقلاب" تحولت من دولة رعاية اجتماعية إلى تاجر عقارات يُغرق شعبه في الديون لإنقاذ ميزانيتها المنهارة وتعويض خسائر سياساتها الفاشلة.

 

فشل تسويقي مدوي: من "سكن الفقراء" إلى "قصور الديون"

 

تواجه هيئة المجتمعات العمرانية صعوبات هائلة في بيع وحداتها، خاصة في مشروع "حكايات التجمع" بالقاهرة الجديدة، الذي حوَّلَتْهُ الحكومة من "سكن لكل المصريين" إلى مشروع فاخر برفع أسعاره بنحو 400%، رغم التعاقد مع شركة خاصة لتولي عملية البيع.

 

هذا الفشل ليس مصادفة، بل نتيجة تخبُّط حكومي يضاعف الأسعار بعد تخطيطها أصلاً لمحدودي الدخل في القاهرة والجيزة، ثم يُحَوِّلُها إلى نظام استثماري لإنقاذ الخسائر. المصدر المسؤول بالهيئة كشف سابقاً لهذه المنصة عن هذا التحوَّلْ، مما يُفَضِحُ كيف تُبَاعُ أحلام الفقراء بأسعار الأثرياء، وتُرْكَبْ على كاهلهم عبء مشاريع فشلت بسبب سوء التخطيط وسياسات الجباية التي أفقرت الطبقة الوسطى، فلم يَعُدْ أحداً قادراً على شراء وحدة سكنية بأسعار مُضَخَّمَةْ تتجاوز قدراته بمرات.

 

فخ التمويل البنكي: 50% من الراتب لفوائد المصارف

 

البروتوكول الجديد يسمح بتمويل 100% مرتبط بقيمة الراتب المثبت قانونياً، على ألا يتجاوز القسط الشهري 50% من الدخل، لمدة 10 سنوات كحد أقصى حالياً، مع فائدة متغيرة مرتبطة بسعر الإيداع لليلة واحدة بالبنك المركزي مضافاً إليه هامش ربح للمصرف والشركة. هذا ليس تسهيلاً، بل مصيدة تُحَوِّلُ المواطن إلى عبد للبنك مدى الحياة، حيث يدفع نصف دخله لفوائد تُغْرِقُهُ في الفقر مع كل ارتفاع للفائدة، ولا حد أقصى إجمالي للتمويلات يحمي المشترين من الانهيار الجماعي.

 

الحكومة تُلْقِيْ بالفشل على المواطن، مفوضةً المصارف بتحصيل الأرباح بينما تتجنب مسؤوليتها في خفض التكاليف أو تحسين الجودة، وتعد بزيادة سنوات السداد إن انخفضت الفائدة – وعد فارغ في اقتصاد مُفْلَجْ يتفاقم تضخمه يوماً بعد يوم، مما يجعل القسط يلتهم الراتب كله قبل الوصول للطعام أو الدواء.

 

شراكات مع الرأسماليين: تصفية أصول الدولة لصالح المقربين

 

تحوَّلَتْ هيئة المجتمعات إلى أداة للشراكة مع القطاع الخاص، حيث تُطْرَحُ المشاريع بنظام استثماري بعد مضاعفة أسعارها، وتُكْسَبُ الشركات مثل "الأولى" عمولات التسويق والربح، بينما يُحَمَّلُ الفقير فاتورة الديون. وقِّعَتْ الهيئة البروتوكول الخميس الماضي لدعم منظومة التمويل العقاري، لكن هذا يُؤَكِّدُ تصفية أصول الدولة لصالح رجال أعمال مقربين، مفضِّلَةً الربح على الالتزام الاجتماعي.

 

النظام يُبِيعُ أحلام السكن للأثرياء، ويُغْرِقُ الطبقة الوسطى في الإفلاس، مُؤَكِّدًاَ أنَّ أولوياتهُ الربح لا الشعب، وأنَّ "سكن لكل المصريين" كان شعاراً كاذباً لاستدرار التصفيق قبل تحويله إلى مصدر دخل للمحاسيب.