سلطت صحيفة "دويشه فيله" الألمانية الضوء على الجهود المبذولة لإطلاق سراح الناشط والمدون "علاء عبد الفتاح"، وهو أبرز معتقل سياسي مصري.
وقالت في مستهل تقرير كتبته "جينيفر هوليس": "أنهى "علاء عبد الفتاح" إضرابه عن الطعام في نوفمبر من العام الماضي بعد أن استقطب وضعه اهتمامًا دوليًا كبيرًا وكان هناك قلق بالغ على حياته. لكن لم يتغير شيء يذكر منذ ذلك الحين، ولا يزال الناشط المصري البريطاني المؤيد للديمقراطية في السجن”.
برز "عبد الفتاح" لأول مرة خلال الثورة المصرية عام 2011 وقضى السنوات اللاحقة داخل وخارج السجن. ويقضي حاليًا عقوبة بالسجن لمدة خمس سنوات بتهمة نشر أخبار كاذبة.
وقالت شقيقته سناء سيف لـ "دويتشه فيله": "نُصحت عائلتنا بالتزام الصمت للسماح لعجلات الضغط السياسية بالعمل عقب الدعوات الدولية خلال مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ. ومرت الآن أربعة أشهر وعلاء لا يزال في السجن”.
وأوضحت الصحيفة أنه لهذا السبب قررت إعادة إطلاق حملة #FreeAlaa، حيث سافرت إلى جنيف لتطلب من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إجراء تحقيق في سجن شقيقها وسجناء سياسيين آخرين في مصر.
وأضافت "سيف"، أن الأهم من ذلك كله أنها التقت بالسياسيين "الذين وعدوا بالمساعدة خلال مؤتمر الأطراف 27”.
حملة لقمع المعارضة
رسميًا، لا يوجد في مصر أي معتقلين سياسيين، وعادة ما يتم التعامل مع المعارضة السياسية أو وصمها على أنها "إرهاب" أو "مثيرة للشغب" في المحاكمات الجنائية.
لكن منظمات حقوق الإنسان تقدر أن مصر سجنت ما بين 65 و70 ألف سجين سياسي.
وقال "تيموثي كالداس"، نائب مدير معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، لـ "دويتشه فيله": "السجون المصرية مليئة بمعتقلي الرأي”.
وتابع: "لقد كان الضغط الدولي محوريًا في وجود أي تحرك للإفراج عن جزء صغير منهم في العام الماضي”.
وأضاف: "لكننا نرى مرارًا أنه يتم إلقاء القبض على أشخاص أكثر مِن مَن يفرج عنهم”.
ويعتقد "كالداس"، أن الإفراج عنهم ليس علامة على تحول هيكلي، بل محاولة لصرف الانتباه عن حملة الحكومة المستمرة لقمع المعارضة من خلال سجن النقاد والنشطاء وحتى عدد من محاميهم؛ حيث اعتقلت الحكومة محامي الدفاع السابق لـ"علاء عبد الفتاح"، "محمد الباقر”.
ويرى "كالداس" أن الإفراجات تخدم غرضًا آخر: تسعى مصر إلى تحسين صورتها الدولية حيث تجتهد للحصول على دعم مالي دولي للتغلب على الأزمة المالية الحالية.
تهديد لحرية الصحافة
وأشارت الصحيفة إلى أنه ليس الوضع الاقتصادي في مصر فقط هو الذي يتسم بالهشاشة؛ فمنذ عام 2019، كان على كل منظمة غير حكومية التسجيل بموجب "قانون الجمعيات" المثير للجدل. وآخر موعد للتسجيل هو 11 من إبريل من هذا العام.
وبحسب منظمة هيومن رايتس ووتش، فإن حوالي 32 ألف من أصل 52500 مجموعة "مدنية" سجلت في وزارة التضامن الاجتماعي حتى أكتوبر الماضي.
وقال صحفيون من موقع "مدى مصر" الإخباري المستقل في مصر لـ "دويتشه فيله"، إنهم حاولوا مرارًا التسجيل وحُرموا من الأوراق اللازمة.
عدم التسجيل يعطي الحق للسلطات بإغلاق الجمعيات وتجميد أصولها.
وكتب "آدم كوجل"، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هيومن رايتس ووتش، في بيان على الموقع الإلكتروني للمنظمة: "تجبر السلطات المنظمات على الاختيار بين العمل في ظل ظروف تجعل العمل المستقل مستحيلًا أو الإغلاق التام”. وتابع: "تقييد وإسكات الجمعيات المستقلة يزيل مساحة النقاش النقدي ويعيق الجهود المبذولة لضمان مساءلة الحكومة، وكل ذلك على حساب مصر”.
هذا الرأي يوافقه "إيبرهارد كينلي"، الأستاذ في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي في باريس، والذي قال لـ "دويتشه فيله": "الطريقة الوحيدة للتغلب على الأزمة الاقتصادية وأزمة حقوق الإنسان في مصر على المدى الطويل هي من خلال النمو الشامل والمستدام”.
وأضاف: "لن يحدث التحسن العام إلا إذا عملت مصر بطريقة تحترم حقوق الإنسان، لكن الحكم الاستبدادي في مصر لا يوفر أيًا من هذه الإجراءات في الوقت الحالي”.
برلين تعد بالدعم المستمر
خلال قمة الأمم المتحدة في نوفمبر الماضي في مصر، أخبر "السيسي" نظيره الأمريكي "جو بايدن" أن مصر أطلقت لتوها إستراتيجية وطنية لحقوق الإنسان، ومبادرة حوار وطني ولجنة رئاسية للنظر في العفو عن السجناء.
وقالت "سناء سيف": "أنا شخصيًا أعتقد أن هذه المجهودات ليست سوى خدعة، لكنها لا تزال تحمل بعض الأهمية، حيث تظهر هذه المزاعم أن الضغط يؤتي ثماره”.
وتأمل أن يكون لاجتماعات هذا الأسبوع في جنيف تأثير مماثل.
وأضافت "الضغط الدولي مطلوب”.
وأكدت وزارة الخارجية الألمانية، يوم الخميس، أن ألمانيا تبادلت وجهات النظر بشأن هذه الجهود مع "سناء سيف" في جنيف.
وصرح متحدث باسم الوزارة لـ "دويتشه فيله" أن "الحكومة الألمانية دأبت على الدفاع عن حقوق "علاء عبد الفتاح" وإطلاق سراحه، وكذلك محاميه "محمد الباقر"، وستواصل القيام بذلك بقوة”.
في غضون ذلك، وعد "علاء عبد الفتاح" أنه في الوقت الحالي لن يدخل في إضراب آخر عن الطعام. لكن هذا ليس لأنه يعتقد أن الضغط الدولي على مصر سيحدث فرقًا.
لمطالعة الموضوع من مصدره ( اضغط هنا )

