قالت "هيومن رايتس ووتش" إن طبيبًا مصريًا يقضي حكما بالسَّجن 10 سنوات في السعودية بتهمة الصلة بجماعة "الإخوان المسلمين" بعد محاكمة جائرة على ما يبدو.

وقالت المنظمة إن المحكمة سجنت صبري شلبي (66 عامًا) رغم مزاعم أن النيابة السعودية بَنَت الاتهامات إلى حد كبير على اعترافات قسرية وانتقامًا على ما يبدو لنزاع متعلق بالعمل.

وأصدرت المحكمةٌ حكمًا بالسَّجن 20 عامًا في أغسطس 2022، ولكنه خُفّض إلى 10 سنوات في ديسمبر 2022 بعد الاستئناف. وجهت النيابة العامة الاتهامات بعد فوز شلبي بدعوى قضائية ضد وزارة الصحة السعودية يطالب فيها بتسوية رواتب غير مدفوعة طوال سنوات. ما يزال شلبي محتجزًا تعسفيًا مع اقتراب مرور عام على صدور الحكم الأصلي.

وتشير وثائق المحكمة إلى أن "المحكمة الجزائية المتخصصة" في الرياض حكمت على شلبي بالسَّجن 20 عامًا بموجب المادة 34 من نظام مكافحة الإرهاب السعودي بتهمة أنه "أفصح عن تعاطفه (مع كيان إرهابي)" و12 عامًا بتهمة "الانضمام إلى (كيان إرهابي) بموجب المادة 33، في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين، التي أعلنتها السعودية منظمة إرهابية عام 2014. وخففت محكمة الاستئناف عقوبة "الإفصاح عن التعاطف" إلى 10 سنوات، وأسقطت التهمة الأخرى.

بحسب وثائق المحكمة، عمل شلبي، وهو طبيب نفسي، في مديرية الصحة العامة بتبوك في شمال غرب السعودية من 2006 حتى 2019. قال مصدر مقرب من الأسرة لـ هيومن رايتس ووتش إن شلبي اكتشف في العام 2016 أنه كان يتقاضى راتبًا أقل من راتب طبيب مقيم حاصل على البكالوريوس بدلًا من راتب طبيب حاصل على دبلوم إضافي في الطب النفسي. ورفع شلبي دعوى قضائية ضد مديرية الصحة لاسترداد فارق الراتب.

أيدت محكمة سعودية دعوى شلبي في ديسمبر 2019، وأمرت المديرية بدفع فارق الراتب عن الأعوام 2006-2019. قال أحد أفراد الأسرة إن المديرية استأنفت القرار، وفصلت شلبي بشكل مفاجئ، وبصفتها كفيلته، أصدرت تأشيرة خروج نهائي لشلبي وزوجته، ما يلزمهما بمغادرة البلاد.

https://twitter.com/DAWN_Arabic/status/1687090675718799360

بتاريخ 28 يناير 2020، قبل أيام فقط من صدور قرار محكمة الاستئناف في قضيته المدنية، حضر رجال شرطة بملابس مدنية إلى منزل شلبي في بلدة الوجه بمحافظة تبوك. وقال مصدر مقرب من الأسرة إنهم لم يُبرِزوا مذكرة توقيف لكنهم صادروا أجهزة شلبي وبطاقات الذاكرة التي تعود إليه وجواز سفر زوجته، واحتجزوه.

احتجزت السلطات شلبي بمعزل عن العالم الخارجي لثلاثة أيام، ثم سمحت له بالاتصال بزوجته، لكن السلطات أمرته بعدم الكشف عن مكانه. اتصل شلبي بعد أسبوعين مؤكدًا وجوده في سجن ذهبان شمال جدة. وقال المصدر إنه بعد شهر من اعتقال شلبي دون تهمة، أبلغ الأخير أسرته أن السلطات السعودية تعتزم اتهامه بالإفصاح عن التعاطف مع الإخوان المسلمين والتصويت لمحمد مرسي، مرشح الإخوان للرئاسة ومن ثم رئيس مصر، إثر الانتخابات الرئاسية لعام 2012.

في 2 فبراير 2020، أمرت المحكمة مديرية الصحة بتعويض شلبي فقط عن فترة 2009-2019 بسبب سقف الـ 10 سنوات في القانون المعمول به. قال أحد أفراد الأسرة إن شلبي وعائلته لم يتلقوا أي مبالغ.

تشير وثائق المحكمة إلى أن السلطات السعودية استندت في مزاعمها ضد شلبي إلى اعترافات متهمَيْن آخرَيْن في القضية، ومعلومات استخبارية أكدها "قطاع الأمن الوطني" المصري، وتحقيقات ميدانية. قال المتهمان الآخران، سيد مصطفى وفارس أحمد، اللذان كانا يعملان في مستشفى الوجه مع شلبي، في المحكمة إنهما وقّعا على اعترافات تشمل مزاعم علاقة شلبي بالإخوان المسلمين، تحت التهديد بالحبس الانفرادي ومنع الاتصال بعائلتيهما.

بدأت الإجراءات في المحكمة الجزائية المتخصصة، محكمة الإرهاب السعودية، في 14 يناير 2021. قال أحد أفراد الأسرة إن السلطات لم تسمح لشلبي بالتحدث إلى محامي الدفاع العام الذي عُيِّن له قبل الجلسات، والمرة الوحيدة التي تمكن فيها من التحدث إليه كانت خلال الجلسات. كتب شلبي دفاعه في الحجز وقرأه المحامي العام على المحكمة. وقال المصدر إن أسرة شلبي وممثلي السفارة المصرية مُنعوا من حضور جلسة النطق بالحكم.

قال المصدر إنه بعد الحكم على شلبي في أغسطس 2022، عينت أسرة شلبي محاميًا نجح في استئناف الحكم الصادر بحق شلبي. قال قريب العائلة إن شلبي قدم في ديسمبر 2022 استئنافًا إضافيًا إلى المحكمة العليا ما زال أمام المحكمة.

احتجزت السلطات شلبي انفراديًا في سجن ذهبان لتسعة أشهر، ثم نقلته في أكتوبر 2020 إلى سجن أبها بمنطقة عسير في جنوب غرب السعودية، حيث ما يزال موجودًا. قال مصدر آخر مقرب من الأسرة إن السلطات السعودية عرّضت شلبي للإيذاء الجسدي والنفسي، كالمضايقات بسبب تحدثه عبر الهاتف عن قضيته مع وزارة الصحة. وقال المصدر إنه حُبس انفراديًا لفترة طويلة، وهو ما قد يصل إلى حد التعذيب، أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وقال المصدر إن شلبي أضرب عن الطعام أثناء الحبس الانفرادي، إذ نُقل إلى المستشفى لمدة أسبوعين أو ثلاثة أسابيع.

وقال المصدر إن شلبي لديه آلام حادة في الظهر، والربو، ومرض السكري. طالب شلبي مرارًا وتكرارًا بإحالته إلى طبيب أعصاب لألم الظهر، ولو على نفقته الخاصة، لكن طلبه رفض. وقال المصدر إن شلبي أصيب بإعتام عدسة العين أثناء وجوده في السجن.

ووثّقت هيومن رايتس ووتش الانتهاكات الصارخة للحكومة السعودية للأحكام الغامضة في قانون مكافحة جرائم الإرهاب وقانون مكافحة جرائم المعلوماتية لمعاقبة الأشخاص بقسوة على أساس التعبير والأفعال السلمية فقط، في انتهاك لالتزاماتها الحقوقية الدولية.

وقالت المنظمة: "تنفق السلطات السعودية مليارات الدولارات على استضافة الأحداث الرياضية والترفيهية الكبرى لحرف الأنظار عن سجلها الحقوقي السيئ بينما تحرم شلبي وآخرين كثر من الحق الأساسي في محاكمة عادلة".

للاطلاع على التقرير من مصدره: ( من هنا ).