رجل فى مقتبل العمر يعيش في منطقة نائية غرب القاهرة، جمع كل مدخراته قبل 15 شهرًا لشراء سيارة جديدة تسهّل عليه التنقل إلى عمله في وسط العاصمة. بعد سنوات من الاعتماد على المواصلات العامة، كانت السيارة بالنسبة له استثمارًا حيويًا، لذا لم يتردد في البحث عن تغطية تأمينية شاملة لحمايتها. ومع ذلك، تفاجأ عز الدين بزيادات متتالية في أسعار السيارات وأقساط التأمين، مما زاد من قلقه بشأن قدرته على الاستمرار في تحمل هذه التكاليف المرتفعة. مصر تعاني من معدلات تضخم مرتفعة منذ أشهر، ورغم تحوّل التضخم إلى اتجاه هبوطي في الأشهر الخمسة الأخيرة، إلا أنه لا يزال بعيدًا عن أهداف الحكومة بخفضه من 25.7% في يوليو إلى أقل من 10% بحلول نهاية عام 2025. هذا التضخم أدى إلى ارتفاع أقساط التأمين بشكل كبير، مما شكّل تحديات كبيرة للعملاء مثل عز الدين، الذين يواجهون ضغوطًا مالية إضافية. تأثيرات إيجابية على شركات التأمين رغم الأعباء التي يتحملها العملاء، إلا أن التضخم قد أتى بتأثيرات إيجابية على شركات التأمين. عادل شاكر، رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية لوسطاء التأمين، أشار إلى أن التضخم قد يعرّض المؤمن لهم لمخاطر عدم الحصول على تعويضات تعادل القيمة الحقيقية لممتلكاتهم، لكن من ناحية أخرى، يساهم في زيادة قيمة الأقساط التأمينية، مما يعزز من إيرادات الشركات. شاكر أضاف أن الأثر الإيجابي للتضخم قد يعطي صورة غير دقيقة حول معدل نمو قطاع التأمين في مصر. فالزيادة في الأقساط تعكس استجابة طبيعية لارتفاع الأسعار، وليس بالضرورة نموًا حقيقيًا في القطاع. محمد مهران، الرئيس التنفيذي لشركة مصر القابضة للتأمين، أوضح أن تأثير التضخم على صناعة التأمين يختلف باختلاف نوع وطبيعة التأمين. فأقساط التأمين على الممتلكات والمسؤوليات تأثرت بشكل خاص، نظرًا لارتباطها المباشر بالأصول التي شهدت ارتفاعًا في قيمتها. تحديات تواجه العملاء والشركات التضخم لا يؤثر فقط على العملاء، بل يشكّل تحديًا كبيرًا لشركات التأمين أيضًا. مهران أشار إلى أن الشركات مضطرة لزيادة أقساطها للحفاظ على قدرتها التنافسية وتحقيق توازن مالي، أو قد تلجأ إلى خفض المصروفات. كما يمكن للشركات الاستفادة من معدلات العائد المرتفع على الاستثمار في أدوات الدين الحكومية. لكن على الجانب الآخر، يجد العملاء أنفسهم في موقف صعب. بعضهم قد لا يكون قادرًا على مواكبة الزيادة في الأقساط، ما يدفعهم إلى تقليص التغطية التأمينية أو التخلي عنها تمامًا. شاكر أشار إلى أن الشركات تواجه صعوبات في إقناع العملاء بضرورة تعديل قيمة الأصول المؤمنة، وهو ما يضع عبئًا كبيرًا عليهم، خاصة أن التأمين يُعتبر سلعة غير ملموسة. كيفية مواجهة العملاء للتضخم محمد الغطريفي، وسيط تأميني، نصح العملاء بمراجعة وتحديث وثائق التأمين بانتظام لضمان توافقها مع التغيرات في الأسعار والتكاليف. بالإضافة إلى ذلك، يوصى باختيار وثائق تأمين مرتبطة بالتضخم، والتي تتضمن تعديلات تلقائية لمواكبة الارتفاعات في الأسعار. في ظل هذه الظروف، تتوقع شركات التأمين زيادة في حجم الأقساط التأمينية بالعملة المحلية بنهاية العام، حيث قد ترتفع أقساط تأمين الممتلكات بنسبة تتراوح بين 25% و30%، وتأمينات الحياة بنسبة تتراوح بين 10% و15%. رغم ذلك، من المتوقع أن تظل نسبة مساهمة التأمين في الناتج المحلي الإجمالي ثابتة أو تتحرك بصورة بسيطة عن المعدل الحالي البالغ 0.7%. بلغت أقساط قطاع التأمين في مصر 43.7 مليار جنيه خلال النصف الأول من العام الجاري، بزيادة 22.1% عن نفس الفترة من العام السابق، وفقًا لبيانات هيئة الرقابة المالية. ومع استمرار التضخم، يُتوقع أن تستمر التحديات للعملاء في مواجهة ارتفاع التكاليف، بينما تواصل شركات التأمين تحقيق مكاسب إضافية.

