نشرت المفوضية المصرية للحقوق والحريات تقريرًا جديدًا حول الانتهاكات المستمرة ضد الصحافيين والإعلاميين في مصر، مسلطة الضوء على الهيمنة الأمنية المتزايدة على القطاع الإعلامي والتضييقات التي تواجهها وسائل الإعلام والصحافيون.

يتناول التقرير تحديات حرية الصحافة في مصر، معتبرًا أن هذه الانتهاكات تمثل تهديدًا حقيقيًا لحقوق المواطنين في الوصول إلى المعلومات، وهو ما يخالف الدستور المصري الذي يضمن حرية الصحافة وحرية تدفق المعلومات.
 

الهيمنة الأمنية وتضييق الحريات
أشار التقرير إلى أن سلطات السيسي تواصل هيمنتها على الإعلام بشكل متزايد، مع استمرار استهداف الصحافيين ووسائل الإعلام المستقلة.

التقرير يوضح أن هذا الوضع يمثل تحديًا مباشرًا للدستور المصري الذي يضمن، وفقًا للمادة 68، حرية تدفق المعلومات، وفي المادة 70، حرية الصحافة، كما تنص المادة 71 على منع الحبس في قضايا النشر والعلانية، إلا أن السلطات مستمرة في انتهاك هذه الحقوق، بما في ذلك حجب العديد من المواقع الإلكترونية المحلية والعربية، وممارسة الرقابة الشديدة على الإنترنت.
 

التهم الكاذبة والتضييق القضائي
من أبرز ما ذكره التقرير هو استمرار السلطات في إلصاق تهم "نشر أخبار كاذبة" وفقًا للمادة 188 من قانون العقوبات، حيث يتم اتهام الصحافيين بنشر أخبار تضر بالسلم العام وتثير البلبلة.
هذه التهم التي تلاحق الإعلاميين ليست سوى وسيلة لتهديد حرية الصحافة في وقتٍ تتحدث فيه الحكومة عن اتخاذ إجراءات لتحسين سجل حقوق الإنسان في مصر، خاصة مع اقتراب موعد المراجعة الدورية الشاملة لسجل حقوق الإنسان في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.

وأشار التقرير أيضًا إلى ظاهرة "إعادة تدوير الصحافيين"، وهي قيام السلطات بتوجيه اتهامات جديدة ضد الصحافيين أثناء فترة حبسهم الاحتياطي، متجاوزة بذلك القوانين التي تحدد مدة الحبس الاحتياطي بحد أقصى عامين.
 

القلق في صفوف الصحافيين: مطالبات بالإفراج الفوري
في سياق متصل، أعربت نقابة الصحافيين المصريين في تقريرها عن قلقها البالغ إزاء تصاعد الانتهاكات ضد الصحافيين، وطالبت بالإفراج عن 23 صحافيًا معتقلاً.
النقابة أكدت أن هذه الانتهاكات تتزايد بشكل غير مسبوق، مما يعيق الصحافيين عن أداء مهامهم المهنية بحرية.
ولفتت إلى أن ما يحدث يمثل تراجعًا كبيرًا في حقوق الصحافة والإعلام في البلاد.

وقد شدد نقيب الصحافيين، خالد البلشي، في تصريحات صحفية على أن النقابة تعمل بكل قوتها لمتابعة قضايا الصحافيين المعتقلين، وأعلن عن تشكيل لجنة قانونية لمتابعة الإجراءات القانونية الخاصة بهم.
البلشي أكد على أن النقابة ستظل داعمة للصحافيين المعتقلين وأسرهم، وتواصل الضغط على السلطات حتى يتم الإفراج عنهم.

وأوصت المفوضية في تقريرها بالآتي:

  • الإفراج عن السجناء على خلفية قضايا ذات الصلة بحرية التعبير واستخدام الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي.
  • السعي نحو تعديل التشريعات بما يضمن عدم حبس الصحافيين والإعلاميين بسبب أدائهم لأعمالهم
  • بناء بنية تشريعية جديدة تنظم عمل الصحافة الإلكترونية والمدونات على النحو الذي يضمن حرية تداول المعلومات ويوفر في الوقت ذاته الحماية القانونية للمدونين، مع الاطلاع على التجارب الدولية المطروحة في هذا الصدد.
  • إصدار قانون حرية تداول المعلومات يتفق والمعايير الدولية لحقوق الإنسان وأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030.
  • وقف حجب المواقع الإلكترونية في مصر والتضييق على العمل الصحافي والإعلامي.
  • ضرورة مراجعة الأكواد الإعلامية بما يتناسب مع الدستور والقانون وعصر وسائل التواصل الاجتماعي المفتوحة.
  • إعادة النظر في قوانين تنظيم الإعلام حتى تعكس مواد الدستور التي تعزّز بشكل حقيقي الحريات الإعلامية.