أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن "المفاوضات ستُجرى من الآن فصاعدًا تحت النار". هذا التصريح لا يعكس الواقع، إذ أن المفاوضات السابقة بشأن وقف إطلاق النار جرت بالفعل تحت القصف. وبتصريحه هذا، يحاول نتنياهو طمس سجل الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل على مدار الأشهر الماضية، متجاهلًا حقيقة قتل عشرات الآلاف من المدنيين وتدمير البنية التحتية في غزة.
تهديدات إسرائيلية واضحة للفلسطينيين
وانضم وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس إلى هذا الخطاب العدائي، مهددًا الفلسطينيين في غزة بأنهم أمام خيارين: إما الامتثال لمطالب إسرائيل أو مواجهة "الدمار المطلق".
وقال كاتس: "استمعوا إلى نصيحة الرئيس الأمريكي: أعيدوا الرهائن وتخلصوا من حماس، وستتاح لكم خيارات أخرى، بما في ذلك مغادرة غزة لمن يرغب في ذلك".
ويعكس هذا التصريح محاولة إسرائيل فرض التهجير القسري للفلسطينيين، رغم أن القانون الدولي يعتبر الاستعمار الاستيطاني والاحتلال العسكري الإسرائيلي غير قانونيين.
ازدواجية المعايير في الخطاب الدولي
لم يكن الخطاب الدولي أفضل حالًا، حيث تتجنب القيادات الغربية مواجهة إسرائيل، رغم استخدام نتنياهو لغة تبرر استمرار العمليات العسكرية في غزة، بل وإمكانية توسيعها إلى الضفة الغربية. في الوقت نفسه، تستمر الحكومات الغربية في استخدام عبارات معتادة مثل "القلق" و"الصراع"، متجاهلة المجازر والدمار المستمر منذ عقود، منذ نكبة عام 1948 وحتى اليوم.
هل يتم تطبيع الإبادة الجماعية؟
ولا يتماشى الزعم بأن استئناف الهجمات على غزة هو "الملاذ الأخير" بعد فشل المفاوضات حول الرهائن مع الحقائق، إذ أن إسرائيل انتهكت اتفاق وقف إطلاق النار باستمرار، من خلال قتل الفلسطينيين ومنع دخول المساعدات الإنسانية. السؤال المطروح هنا: هل أصبح ارتكاب الإبادة الجماعية أمرًا مقبولًا إذا فشلت كل الوسائل الأخرى؟
ورغم ذلك، تستمر القوى الدولية في دعم خطة لإعادة إعمار غزة، بينما لم يعطِ نتنياهو أي مؤشر على وقف العدوان الإسرائيلي. فهل أصبح الحديث عن إعادة الإعمار مجرد وسيلة لإضفاء الشرعية على ما يحدث، كما حدث سابقًا مع حل الدولتين؟ يبدو أن المجتمع الدولي يُهمل عمدًا مسؤوليته القانونية في وقف الإبادة الجماعية الجارية.