في مارس 1976، أعلن رئيس الفيفا أن الأرجنتين "مستعدة أكثر من أي وقت مضى" لاستضافة كأس العالم، وذلك بعد يومين فقط من الانقلاب العسكري الذي دعمته الولايات المتحدة، والذي أسفر عن عقد من الديكتاتورية الدموية في البلاد. ورغم أن النظام العسكري قام بـ "إخفاء" أكثر من 30 ألف شخص، لم يكن هذا الأمر محل اهتمام الفيفا، حيث استضافت الأرجنتين البطولة في 1978، ثم تمت ترقية نائب الأدميرال كارلوس لاكوستي، أحد منظمي الحدث، إلى منصب نائب رئيس الفيفا.

في هذا الشهر، تستعد إسرائيل للمشاركة في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026، بينما ترفض الفيفا فرض عقوبات على فريقها الوطني، على الرغم من الدعوات المتزايدة لتعليق مشاركته. تاريخ الفيفا يكشف عن نمط طويل من منح الشرعية للمحتلين والدكتاتوريين كجزء من النظام الإمبريالي العالمي.

ازدواجية المعايير في الفيفا

لطالما تغاضت الفيفا عن الاحتلال الإسرائيلي منذ انضمام الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم إلى المنظمة في 1998. وعلى مدى عقود، سمحت الفيفا للاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم بإدراج أندية من مستوطنات غير شرعية، رغم أن ذلك يعد انتهاكًا واضحًا لأنظمتها التي تحظر على الأندية اللعب في أراضي اتحاد آخر دون موافقته.

كما أن مشجعي الفرق الإسرائيلية معروفون بهتافاتهم العنصرية، خاصة تجاه اللاعبين العرب، لكن الفيفا لم تتخذ أي إجراءات بحقهم. في المقابل، عندما غزت روسيا أوكرانيا عام 2022، سارعت الفيفا إلى تعليق مشاركة المنتخب الروسي في كأس العالم. هذا التناقض يكشف أن شعار الفيفا "من أجل اللعبة من أجل العالم" لا ينطبق على الجميع بالتساوي.

تدمير كرة القدم في غزة

منذ أكتوبر 2023، دمرت إسرائيل البنية التحتية لكرة القدم في غزة، وقتلت أكثر من 350 لاعبًا فلسطينيًا. ومن بين الضحايا، حاني المسدار، مدرب المنتخب الأولمبي الفلسطيني، الذي قتل في غارة جوية في يناير 2024، وكذلك محمد بركات، المهاجم الأسطوري لخان يونس، الذي قُتل مع عائلته في قصف منزله في اليوم الأول من رمضان.

تعرضت ملاعب غزة للتدمير الكامل، مثل ملعب اليرموك الذي تحول إلى مركز احتجاز إسرائيلي، حيث تم اعتقال العشرات وتعذيبهم. في مايو 2024، كان الملعب الوحيد الذي لم يتعرض للقصف ملجأً للنازحين. وعلى الرغم من أن الفيفا وعدت بالنظر في طلب فلسطين لمعاقبة إسرائيل، فإنها لم تتخذ أي إجراء حتى الآن.

الفيفا كأداة استعمارية

منذ تأسيسها عام 1904، لعبت الفيفا دورًا في تعزيز النظام الاستعماري العالمي. كانت المنظمة منحازة دائمًا إلى القوى الغربية، كما حدث في مونديال 1966، حين تم منح أوروبا 10 مقاعد في البطولة، بينما اضطر ممثلو إفريقيا وآسيا وأوقيانوسيا للتنافس على مقعد واحد فقط، ما دفع الدول الإفريقية إلى مقاطعة البطولة احتجاجًا، مما أجبر الفيفا لاحقًا على تخصيص مقعد مستقل للقارة.

اليوم، تحاول إسرائيل تدمير كرة القدم الفلسطينية تمامًا كجزء من سياساتها الاستيطانية. لكن الفلسطينيين يواصلون المقاومة، كما أثبت المنتخب الفلسطيني عندما تأهل إلى الأدوار الإقصائية لكأس آسيا لأول مرة في تاريخه في يناير 2024، بعد أيام فقط من مقتل مدربه السابق.

تصاعد الدعم لمقاطعة إسرائيل

في الشهر الماضي، أطلق مشجعو نادي سيلتيك الإسكتلندي حملة تدعو الفيفا إلى "إشهار بطاقة إسرائيل الحمراء"، وهي دعوة لاقت دعمًا في العديد من الدول، مثل إسبانيا والمغرب وإيرلندا. وفي الوقت الذي تستمر فيه الفيفا في دعم الاحتلال عبر صمتها، يواصل مشجعو كرة القدم في جميع أنحاء العالم رفع الأعلام الفلسطينية في المدرجات، تعبيرًا عن تضامنهم مع القضية الفلسطينية.

https://www.middleeasteye.net/opinion/why-fifa-refuses-sanction-israel