في تطور قانوني جديد وغير مرحب به لشركة "ميتا"، مالكة منصة "فيسبوك"، قضت المحكمة العليا في كينيا بإمكانية مقاضاة الشركة الأمريكية على خلفية دورها المزعوم في نشر محتوى حرّض على العنف خلال الحرب الأهلية في إقليم تيغراي بشمال إثيوبيا بين عامي 2020 و2022.
رفع الدعوى كل من أبراهام مياريج، وفيصهى تيكلي، الباحث السابق في منظمة العفو الدولية، بالإضافة إلى معهد كاتيبا، متهمين "ميتا" بترويج محتوى ضار أدى إلى نتائج مروعة.
مياريغ اتهم المنصة بالمسؤولية غير المباشرة عن مقتل والده، الأستاذ الجامعي مياريج أمار أبرها، الذي قُتل عام 2021 بعد حملة تحريضية على "فيسبوك" تضمنت معلومات كاذبة عن مكان إقامته وادعاءات بالفساد ودعم جبهة تحرير شعب تيجراي.
أما تيكلي، فقد تعرض لحملة كراهية بسبب عمله في مجال حقوق الإنسان.
واستند القضاة في قرارهم إلى مزاعم بأن خوارزمية "فيسبوك" تروّج لمحتوى يحرض على الحرب والعنف، وأن المنصة تميز بين المستخدمين، حيث تمنح معاملة تفضيلية لمستخدمي دول على حساب مستخدمي أفريقيا.
وجاء في نص الدعوى أن المحتوى "كلما كان أكثر ظلمة، زادت احتمالية ترويجه".
يطالب المدّعون "ميتا" بالاعتذار العلني عن مقتل أبرها، وإنشاء صندوق تعويضات لضحايا خطاب الكراهية بقيمة 250 مليار شلن كيني (نحو ملياري دولار)، بالإضافة إلى 50 مليار شلن أخرى (400 مليون دولار) كتعويضات عن الأضرار الناتجة عن المنشورات الممولة.
كما يطالبون بتعديل خوارزمية "فيسبوك" للحد من انتشار خطاب الكراهية والدعوات إلى العنف، على غرار ما حدث بعد أحداث اقتحام الكونغرس الأمريكي في يناير 2021.
كما تشمل المطالب توظيف عدد كافٍ من المراقبين البشريين للمحتوى في أفريقيا، وخاصة في إثيوبيا، لمنع تكرار هذه الانتهاكات.
حاولت "ميتا" إسقاط الدعوى بحجة أن المحكمة الكينية لا تملك اختصاصًا بالنظر فيها، كون الشركة ليست كينية ولا تملك مكاتب تشغيلية في كينيا، وزعمت أن القضاء الأمريكي هو الجهة المخولة بذلك.
غير أن المحكمة رفضت هذه الحجة، مؤكدة أنها تملك صلاحية البت في ما إذا كانت الحقوق المنصوص عليها في الدستور الكيني قد انتُهكت، حتى في السياق الجديد الناتج عن تقنيات الذكاء الاصطناعي.
ورأت المحكمة أن القضية تطرح "أسئلة قانونية جوهرية"، وتُعنى بحقوق عامة تتجاوز مصالح أطراف الدعوى.
وقد أُحيلت القضية إلى هيئة قضائية موسعة برئاسة كبيرة القضاة مارثا كوومي، فيما تستعد "ميتا" للاستئناف.
سبق لمحاكم كينية أن رفضت دفوع "ميتا" المتعلقة بانعدام الاختصاص القضائي في قضايا فصل تعسفي لمراقبي محتوى في 2022 و2023، وخسرت الشركة عدة طعون أمام محاكم العمل ومحكمة الاستئناف.
وأكد القرار الأخير على أن هناك الآن "مسارًا قانونيًا واضحًا يضمن احترام حقوق الإنسان في عالم رقمي بلا حدود".
وأشارت نورا مباغاثي، المديرة التنفيذية لمعهد كاتيبا، إلى أهمية هذا القرار، معتبرة أنه يُظهر التزام القضاء الكيني بمواجهة قضايا عالمية من منظور محلي.
في حين وجّه أبراهام مياريغ انتقادًا حادًا لمارك زوكربيرغ، مؤكداً أن العدالة لا تقتصر على حدود الولايات المتحدة.
تعكس هذه القضية تحولًا مهمًا في مساءلة شركات التكنولوجيا العملاقة عن تبعات المحتوى الذي تنشره خوارزمياتها، لا سيما في مناطق النزاع والبلدان النامية.