بينما يحتفي العالم في السابع من أبريل من كل عام بـ"يوم الصحة العالمي"، تحت شعار هذا العام "بداية صحية لمستقبل واعد"، يعيش سكان قطاع غزة واقعًا مختلفًا تمامًا: مستقبلٌ بلا صحة، وحقٌ في الحياة يُسحق تحت القصف، ونظام صحي يتهاوى وسط ركام المستشفيات المحاصرة والمستهدفة.
 

نظام صحي يحتضر تحت القصف
   منذ السابع من أكتوبر 2023، والعدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة يفتك بكل مظاهر الحياة، ومعه تنهار البنية التحتية الصحية بشكل شبه كامل.
في الوقت الذي تُضاء فيه المراكز الصحية حول العالم احتفاءً بالمناسبة، تُطفأ أنوار غرف العمليات في غزة لانعدام الكهرباء، ويُجري الأطباء جراحات معقدة دون تخدير، بينما يُحتجز المرضى والجرحى بلا علاج.

وزارة الصحة الفلسطينية أطلقت في بيان لها صرخة مدوية قالت فيها إن هذا اليوم العالمي يمرّ على الفلسطينيين في ظل "واقع صحي مأساوي" و"انهيار شبه تام للنظام الصحي"، حيث يعالج الجرحى على الأرض، وتُجري العمليات دون أدنى مقومات السلامة، فيما توقفت غالبية المستشفيات عن العمل بسبب القصف ونفاد الوقود.
 

مستشفيات بلا وقود ولا أدوية
   وصف وكيل وزارة الصحة في غزة، يوسف أبو الريش، الوضع الصحي في القطاع بأنه بلغ "مستويات خطيرة وكارثية"، موضحًا أن 59% من الأدوية الأساسية و37% من اللوازم الطبية لم تعد متوفرة.
فيما تعاني المستشفيات من نقص حاد في الوقود وقطع الغيار، ما يهدد بتوقف المولدات الكهربائية، وهي المصدر الوحيد للطاقة منذ توقف الشبكات العامة.

وأشار أبو الريش إلى أن النقص الحاد في محطات الأوكسجين والأجهزة التشخيصية أدى إلى تعطيل التدخلات الطبية الطارئة، مضيفًا أن إسرائيل تمنع دخول المساعدات الإنسانية والطبية منذ 2 مارس الماضي، ما فاقم الأزمة بشكل غير مسبوق.
 

استهداف منهجي للمرافق والطواقم الطبية
   وزارة الصحة وثقت استهدافًا ممنهجًا للطواقم الطبية والمنشآت الصحية، مشيرة إلى أن سيارات الإسعاف تُقصف، والمستشفيات تُدمّر، والأطباء والممرضين يُقتلون أثناء أداء واجبهم، في انتهاك سافر للقانون الدولي الإنساني.

وأضاف البيان: "بينما تنعم شعوب العالم بحقها في العلاج، يُحرم أطفال غزة من الحاضنات، وتموت النساء الحوامل على أبواب المستشفيات، ويُمنع المرضى من السفر لتلقي العلاج في الخارج"، متسائلة: "هل بات الحق في الحياة ترفًا ممنوعًا على الفلسطينيين؟".
 

مراكز الرعاية الأولية تنهار
   لم تقتصر الكارثة على المستشفيات فقط، بل امتدت لتشمل مراكز الرعاية الأولية. فقد خرج 16 مركزًا صحيًا من أصل 52 عن الخدمة، ما قلّص من قدرة القطاع على تقديم خدمات أساسية مثل التطعيم، والرعاية للأمهات، ومتابعة الأمراض المزمنة.
 

صرخة إلى الضمير العالمي
   في ختام بيانها، دعت وزارة الصحة المجتمع الدولي، ومنظمة الصحة العالمية، والمؤسسات الأممية والحقوقية، إلى "تحمّل مسؤولياتها القانونية والإنسانية"، والتحرك العاجل لوقف الكارثة الصحية في غزة، و"تأمين دخول الأدوية والوقود، وتوفير ممرات آمنة لنقل المرضى والجرحى"، مؤكدة أن "صحة الفلسطيني ليست رفاهية بل حقٌ أصيل كفلته القوانين الدولية".