بالتزامن مع زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مدينة العريش، أعادت سلطة السيسي تكرار مشهد الحشود المنظمة على حدود غزة، بحشد عشرات من أعضائها الموالين، وقبائل موالية للنظام، في مشهد يُعيد للأذهان "مسرحية" يناير الماضي، التي رُفعت فيها اللافتات ذاتها، ورددت فيها الشعارات ذاتها، تحت عنوان رفض تهجير الفلسطينيين من القطاع.

وبينما كانت الوفود السياسية الفرنسية تصل إلى مطار العريش، كانت أوتوبيسات الأحزاب الموالية للسلطة تنقل عناصرها من الإسكندرية والغربية والفيوم وبورسعيد وغيرها، إلى سيناء، حيث وقفوا أمام عدسات الصحف الموالية، يهتفون ضد التهجير، ويرفعون صور السيسي والرئيس الفرنسي.
 

شعارات معدّة سلفًا.. وهتافات خارج السياق
   في مشهد بدا أشبه بعرض دعائي منظم، ردد المتظاهرون هتافات مثل: “يا سيسي يا زعيم، اضرب، اضرب تل أبيب”، و”افتحوا لنا الحدود، واحنا نخلص على اليهود”، مع لافتات كُتب عليها "لا للتهجير"، وأعلام مصر وصور عبد الفتاح السيسي والرئيس إيمانويل ماكرون.
 

أتوبيسات وسندويتشات وفلوس
   مصادر من حزب "مستقبل وطن"، أكد أن التكليف بالتظاهر جاء من القيادات العليا، وأن أمانات الحزب في المحافظات جهزت أوتوبيسات لنقل المشاركين، مع توفير وجبات غذائية لهم، في مشهد شبيه بحشد انتخابي أكثر منه فعلًا احتجاجيًا.

تسريب من مجموعة "واتساب" لأحد الأندية الرياضية في الإسكندرية، كشف عن تفاصيل دقيقة للتجهيزات، بينها توفير “عربيات مجهزة لتقديم وجبات غداء وعشاء في العريش، بالإضافة لأربع وجبات، ومياه وعصائر، وتحديد بدل انتقال للمشاركين يتراوح بين 250 إلى 500 جنيه".

كما شملت الترتيبات تجهيز “أوتوبيسات وسيارة إسعاف مرافقة لأي طارئ، مع دعوة صريحة للمشاركة "بدافع وطني"، وتأكيد أن هذه الوقفة "رسالة سياسية للعالم".
 

مسرح مكرر.. من يناير إلى أبريل
   اللافت في مشهد اليوم هو تطابقه شبه الكامل مع مشهد أواخر يناير الماضي، عندما نظمت السلطات وقفة مشابهة في رفح، ضد تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي ألمح فيها لسيناريو تهجير سكان غزة إلى مصر والأردن.
آنذاك، رفعت اللافتات نفسها، ورددت الهتافات نفسها، وشارك أعضاء الأحزاب نفسها.

بدا المشهد وكأنه “كرنفال سيادة”، يُعاد تنظيمه كلما اقتضت الضرورة توجيه رسائل سياسية إلى الخارج، خصوصًا مع كل زيارة لمسؤول غربي رفيع إلى مناطق الحدود.
 

ازدواجية في التعامل.. تظاهرات مسموحة وأخرى في السجون
   وفيما تحشد الدولة الأحزاب والقبائل وتوفر الأوتوبيسات والوجبات والمال للمشاركين في مظاهرة "لا للتهجير" على حدود غزة، لا تزال تُقمع أي محاولة مستقلة للتعبير عن التضامن مع الفلسطينيين.

ففي 20 فبراير 2025 الماضي، قررت النيابة تجديد حبس 173 معتقلًا كانوا قد أُلقي القبض عليهم خلال تظاهرات في القاهرة وعدة محافظات دعمًا لفلسطين ورفضًا للعدوان على غزة، وهي التظاهرات التي خرجت بشكل عفوي من دون تنسيق مع أحزاب موالية أو دعم رسمي.