فقدت مصر موقعها المتقدم كمصدّر أول للبطاطس إلى السوق الروسية لصالح بيلاروسيا، التي تقدمت سريعًا إلى القمة خلال عام 2024، فيما ظهرت الصين مجددًا كمنافس رئيسي بعد اختفاء دام أربع سنوات.

فوفقًا لوكالة "ريا نوفوستي" الروسية، التي استندت إلى بيانات منصة الأمم المتحدة للتجارة "كومتريد" ومصادر وطنية، بلغت واردات روسيا من البطاطس البيلاروسية 193.8 ألف طن خلال العام الماضي، متجاوزة بوضوح نظيرتها المصرية التي لم تتجاوز 75.3 ألف طن، بقيمة تقارب 47.9 مليون دولار.

أما الصين، فعادت إلى دائرة المنافسة بحجم صادرات بلغ 46.7 ألف طن، لتحتل المرتبة الثالثة، محققة أكثر من 17.3 مليون دولار في السوق الروسية، في أول ظهور لها ضمن المراكز الثلاثة منذ عام 2019.
 

الحرب الروسية الأوكرانية تعيد رسم خريطة الغذاء
   التراجع المصري لا يُفهم بمعزل عن المشهد الجيوسياسي الأكبر، إذ لعبت الحرب المستمرة في أوكرانيا دورًا مركزيًا في التأثير على حركة التبادل التجاري بين موسكو وشركائها، لا سيما القاهرة.

يقول حسين عبد الرحمن أبو صدام، نقيب الفلاحين، إن "تقلبات الأسواق الناتجة عن الحرب وتبعاتها على النقل والتأمين دفعت المصدرين إلى إعادة النظر في خياراتهم".

وأوضح أن روسيا تظل شريكًا زراعيًا أساسيًا لمصر، إذ تستورد القاهرة كميات ضخمة من القمح الروسي، فيما تصدر بطاطس وعنب ومحاصيل أخرى، لكن مستوى هذا التبادل بات مرهونًا بمآلات الصراع العسكري في شرق أوروبا.
 

الإنتاج المحلي الروسي وسيف الأسعار
   على الجانب الآخر، يرى المسؤولون الروس أن التغيرات في السوق المحلية ساهمت بدور لا يقل أهمية في تقليص الحصة المصرية.

فقد صرّح المدير التنفيذي لاتحاد منتجي البطاطس في روسيا، أليكسي كراسيلنيكوف، بأن ارتفاع الإنتاج المحلي في روسيا ساهم في خفض الأسعار، ما قلل من جدوى الاستيراد بكميات كبيرة من الخارج، وبخاصة من دول بعيدة نسبيًا مثل مصر.

وأضاف أن مشكلات الدفع واللوجستيات أسهمت أيضًا في إبطاء تدفق البطاطس المصرية، مما دفع القاهرة لتوجيه كميات كبيرة من صادراتها إلى الأسواق الأوروبية التي عانت نقصًا حادًا في البطاطس الموسم الماضي.
 

صادرات بطاطس مصرية إلى روسيا "تنتعش" في 2025
   ورغم هذا التراجع، سجّلت صادرات البطاطس المصرية إلى روسيا بوادر انتعاش مبكرة خلال العام الجاري، إذ أظهرت بيانات الشهر الأول من موسم التصدير شحنات تجاوزت 5 آلاف طن خلال فبراير وحده، وهو رقم وصفه المسؤولون الروس بـ"غير المسبوق"، ويعكس – وفق مراقبين – رغبة مصرية في استعادة موقعها المتقدم داخل السوق الروسي.
 

منافسة شرسة من آسيا والقوقاز
   في السياق ذاته، شهدت الأسواق الروسية دخول لاعبين جدد إلى المشهد؛ فجاءت أذربيجان رابعًا بـ42.5 ألف طن، متبوعة بـجورجيا، فيما دخلت دول كـكازاخستان، باكستان، قيرغيزستان، صربيا، وألمانيا ضمن العشرة الكبار، وإن بأحجام صادرات محدودة.

كما سجّلت صادرات دول أخرى زيادات حادة، مثل أرمينيا (116 طنًا بزيادة 805 مرة)، وتركيا (24 طنًا بزيادة 47 مرة)، ما يشير إلى إعادة تشكيل شاملة في سلاسل الإمداد الغذائية نحو روسيا.
 

نداءات للمزارعين والمصدرين المصريين
   من جانبه، دعا أبو صدام المنتجين المصريين إلى تحسين جودة المحاصيل الموجهة للتصدير، والالتزام بالمعايير الدولية لتفادي أي معوقات، مؤكدًا أن تنويع الأصناف وزيادة قدرة مصر التنافسية "لم يعد خيارًا بل ضرورة"، في ظل تسارع التحولات العالمية.