عقب سلسلة من الحوادث الدامية، أعلنت وزارة النقل بحكومة السيسي، أمس الأحد، عن إغلاق كامل للطريق الدائري الإقليمي المحيط بالعاصمة لمدة أسبوع، وذلك في المسافة الممتدة من تقاطعه مع طريق القاهرة–الإسكندرية الصحراوي وحتى تقاطعه مع طريق السويس.
ويأتي هذا الإغلاق بعد تصاعد حوادث السير على هذا الطريق الحيوي خلال الأسابيع الأخيرة، والتي أسفرت عن سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى. وكان أحدث هذه الكوارث قد وقع السبت الماضي، عندما اصطدمت سيارتا ميكروباص في نطاق محافظة الجيزة، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص وإصابة 10 آخرين بإصابات تراوحت بين الخطيرة والمتوسطة، في أحدث حلقات سلسلة الحوادث الدامية التي يشهدها هذا الطريق الحيوي الرابط بين القاهرة ومحافظات الوجهين البحري والقبلي.
ويُعد الطريق الإقليمي من الشرايين المرورية المهمة في مصر، إذ يربط بين عدد من المحافظات ويخفف الضغط عن شبكة الطرق الداخلية للعاصمة. ومع ذلك، فقد تحوّل خلال الأشهر الماضية إلى بؤرة لحوادث متكررة، وسط مطالبات شعبية بضرورة إعادة تأهيله وتأمينه هندسياً ومرورياً بشكل عاجل.
ومع تصاعد الأصوات المطالبة بوقف نزيف الأرواح على الطريق الإقليمي، الذي يشهد أعمال صيانة مستمرة منذ أكثر من عام نتيجة تكرار انهيار طبقات الأسفلت في عدة مناطق، أعلنت وزارة النقل في حكومة السيسي في بيان رسمي أن الإغلاق الكامل للطريق الإقليمي سيبدأ في السادسة صباح يوم الثلاثاء الموافق 8 يوليو، ويستمر لمدة أسبوع.
ويأتي الإغلاق بهدف استكمال أعمال رفع كفاءة عناصر التحكم والسلامة المرورية، وتحسين التحويلات المؤقتة، وزيادة فاعلية العلامات الإرشادية ومحددات السرعة، إضافة إلى إعادة توزيع الكثافات المرورية على الطرق البديلة بشكل يضمن الانسيابية ويقلل من الاختناقات مع بدء تنفيذ الإغلاق.
حوادث مميتة
تحوّل الطريق الدائري الإقليمي في مصر، والذي يفترض أن يكون شريانًا حيويًا يربط بين المحافظات، إلى ما يشبه "مصيدة أرواح"، بحسب وصف كثيرين من الأهالي، الذين أطلقوا عليه لقب "طريق الموت" بعد تكرار الحوادث المروعة عليه.
وفجرت فاجعة مقتل 19 فتاة مؤخراً أعلى الطريق الدائري الإقليمي، الذي يربط المحافظات المحيطة بالقاهرة، موجة من الغضب الشعبي حول الحوادث الدامية المتكرّرة على الطرق المصرية، وسط مطالبات بإقالة وزير النقل من منصبه، وفتح تحقيق شامل عن تزايد الحوادث أعلى الطريق، إذ ينصّ الدستور المصري على مسؤولية رئيس الجمهورية والحكومة عن سلامة المواطنين (المادتان 139 و156)، لكن الواقع يُظهر غياب أدوات المساءلة، سواء عبر البرلمان أو القضاء، في ظل تغوّل السلطة التنفيذية، وحماية رموزها من أي نقد أو استجواب. إذ يعجز البرلمان عملياً عن مساءلة مسؤولين كبار، مثل مدير جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، رغم ارتباط أجهزتهم بتنفيذ معظم مشروعات الطرق.
وتوفي، الأحد 29 يونيو، خمسة عمال بتصادم عنيف بين ميكروباص استقلوه وسيارة نقل ثقيل عند مدخل الطريق الدائري الأوسطي إلى منطقة شق التعبان جنوب القاهرة. وأوقف الحادث حركة المرور جزئيًا على هذا الطريق الحيوي ذي الكثافة المرورية العالية الذي يربط مناطق شرق القاهرة بجنوبها ويخدم حركة النقل بين المحافظات.
يبلغ طول الطريق الدائري الإقليمي نحو 400 كيلومتر، ويمتد عبر 6 محافظات رئيسية هي: القاهرة، الجيزة، المنوفية، القليوبية، الشرقية، والفيوم. كما يتقاطع الطريق مع 14 طريقًا رئيسيًا وطريقين فرعيين، ويعد مسارًا رئيسيًا لحركة النقل، حيث تمر عليه نحو 80% من الحركة القادمة إلى القاهرة أو المتجهة منها إلى باقي المحافظات.
304 حادثة في ثلاث سنوات
وفي الفترة من منتصف عام 2022 وحتى منتصف عام 2025 وقعت304 حادثة على هذا الطريق، ما يؤكد خطورته المتصاعدة وضرورة التدخل العاجل لإعادة تأهيله وتأمينه هندسيًا ومروريًا بشكل شامل، وفقًا لـ"المصري اليوم".
هذا العدد من الحوادث، وما خلّفه من قتلى ومصابين، يكشف عن أزمة مستمرة، تحتاج إلى إجراءات سريعة وحاسمة تبدأ بإصلاح البنية التحتية للطريق، وتكثيف الرقابة المرورية، والحد من القيادة العشوائية التي تودي بحياة الأبرياء يومًا بعد يوم.
وكشفت البيانات عن أن تلك الحوادث تسببت في وقوع 2006 ضحايا «وفيات ومصابين»، منهم 88٪ مصابين، بعدد بلغ نحو 1767، ووفيات 239 حالة، مما جعل عدد الإصابات تعادل الوفيات بأكثر من 7 مرات.
وأظهرت البيانات أن عام 2024 وحده شهد وقوع 114 حادثة، في حين وقعت 76 حادثة خلال عام 2023، بمعدل زيادة بلغ نحو 49٪ بالمقارنة بين العامين، أما عن الشهور الستة الأولى من العام الجاري فقد شهدت وقوع 67 حادثة.
وكشف تحليل البيانات عن أن محافظة الشرقية هي الأعلى في معدل الحوادث، خلال السنوات الثلاث، بواقع 104 حوادث، مستحوذة على نسبة 34٪ من إجمالي عدد الحوادث، تلتها كل من الجيزة والمنوفية بمعدل 47 و46 حادثًا بالترتيب.
وجاءت محافظة الفيوم في المرتبة الرابعة بواقع 18 حادثًا، والقاهرة في المرتبة الخامسة بمعدل 9 حوادث.
وأظهرت البيانات أن عربات النقل الأكثر تضررًا في الحوادث، بنسبة 29٪، بواقع 124 عربة، تلتها عربات الميكروباص بعدد 119 عربة، والسيارات الملاكي بعدد 48 سيارة خلال سنوات الرصد الثلاث. وبين تحليل البيانات أن عدد المركبات المتضررة تعادل الحوادث مرة ونصف.
وتتهم قوى سياسية وشخصيات معارضة كامل الوزير بإهدار المال العام عبر مشروعات لا تخضع لمناقصات قانونية، وتُسند بـ"الأمر المباشر" إلى شركات تابعة للمؤسّسة العسكرية، من دون رقابة من البرلمان أو الجهاز المركزي للمحاسبات، ما يجعل محاسبته سياسياً أو جنائياً أمراً صعب المنال، ومنذ تولي الوزير حقيبة النقل في 2019، شهدت مصر العديد من الكوارث المرورية، وحوادث القطارات الدامية، علاوة على وقائع متعدّدة ظهر فيها عدم صلاحية طرق وجسور جديدة، أحياناً بعد أشهر فقط من فتحها أمام حركة السير.