تنتهج إسرائيل في حربها على غزة وسائل تُعد جرائم فاضحة وفق القانون الدولي: قتل جماعي للمدنيين وتجويع متعمد لإجبار الآخرين على الانصياع ودفع السكان نحو مزيد من المعاناة. رغم فداحة الواقع، تواصل السلطات الإسرائيلية نفيها، وتُرجع كل ما يحدث إلى "وحشية" حركة حماس.
يستمر النزاع وسط الدماء، بينما تظل نوايا إسرائيل غامضة وملتبسة. يظهر تصنّع الاعتدال بينما يسود منطق العنف. لم تعد قضية الرهائن الإسرائيليين الذين أسرتهم حماس في السابع من أكتوبر 2023 محور الاهتمام. بل يبدو أن تل أبيب تسعى إلى التصعيد بغضّ النظر عن مصيرهم، دون مؤشرات واضحة على قدرة إسرائيل على "تطهير" غزة من حماس، رغم تكرار الوعد بذلك.
اختار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحكومته القوة كحل، وأعلن موافقته على "عملية قوية" للقضاء على حماس وإنقاذ ما تبقى من الرهائن. أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، اللواء أفي ديفرين، أن الهجوم يهدف إلى "إسقاط نظام حماس وهزيمته وإخضاعه". توقع أن يُجبر قرابة مليوني فلسطيني على التكدس جنوب القطاع. وستتولى القوات الإسرائيلية ترتيب إيصال المساعدات عبر جهات معتمدة.
أكد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال هرتسي هاليفي، أن الخطة تشمل "السيطرة على غزة، ونقل السكان جنوبًا، وحرمان حماس من القدرة على توزيع الإغاثة، وتوجيه ضربات قوية إليها".
وسط الحكومة الإسرائيلية، يتصدر وزراء يتبنون رؤية دينية وعرقية متطرفة، منهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي صرّح في مؤتمر للمستوطنين أن "غزة ستُدمّر بالكامل خلال أشهر قليلة". ودعا إلى حصر الفلسطينيين في منطقة صغيرة جنوب القطاع، وادّعى أن هذا الحل "إنساني وخالٍ من حماس والإرهاب".
تقوم الخطة على مفاهيم الطرد والنقل الجماعي للسكان، كلمات ارتبطت في التاريخ بالكوارث الجماعية والجرائم ضد الإنسانية. المفارقة المؤلمة تكمن في أن صانعي القرار في إسرائيل، المنحدرين من شعب عانى التهجير، يسعون اليوم إلى تهجير الآخرين. يرى سموتريتش أن الفلسطينيين سيشعرون في النهاية باليأس وسيبحثون عن حياة جديدة في أماكن أخرى.
في نظره، لا مكان لدولة فلسطينية مستقبلية، بل هناك ضرورة لتكريس واقع الفصل والضم في الضفة الغربية، عبر خطط لفصل طرق الفلسطينيين عن المستوطنين وتوسيع المستوطنات.
رفضت منظمات إنسانية هذه السياسات. وأكدت اللجنة الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة التابعة للأمم المتحدة أن المساعدات الأساسية، من غذاء ودواء، تُمنع منذ تسعة أسابيع. أغلقت المخابز والمطابخ، وفرغت المخازن. يعاني الأطفال من الجوع. حذّرت اللجنة من أن تنفيذ الخطة يعني استمرار حرمان الفئات الأضعف من أي دعم.
رفض الأمين العام للأمم المتحدة ومنسق الإغاثة الطارئة المشاركة في هذه الخطة، لافتين إلى أنها "لا تلتزم بالمبادئ الإنسانية العالمية من حياد واستقلال وإنسانية".
كما حذّرت وزارات خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا، حليفة إسرائيل، من أن ما يحدث يمثل خرقًا للقانون الدولي. شدّدت على أن "المساعدات الإنسانية لا يجب أن تُستخدم أداة سياسية، ويجب ألا يُقلّص حجم الأراضي الفلسطينية أو تتغير تركيبتها السكانية".
حتى الآن، علّق الاحتلال تنفيذ خطته إلى ما بعد زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السعودية والإمارات وقطر. لكن لا يبدو أن أي خطة احتلال جديدة ستُنهي دوّامة الصراع التي تهدد بمزيد من الغرق لإسرائيل في مخاطر وجودية.
https://www.middleeastmonitor.com/20250507-expulsion-and-occupation-israels-proposed-gaza-plan/