ذكر موقع سيمافور أن خطط الحكومة المصرية لتجديد وسط البلد بالقاهرة، التي تعود إلى عقود، بدأت تثير قلق سكان العاصمة، خاصة بعد التصريحات الأخيرة لرجل الأعمال الإماراتي محمد العبار. المشروع الذي يهدف إلى تطوير قلب القاهرة التاريخي أثار مخاوف من تكرار نموذج بيروت، حيث أدت إعادة إعمار وسط المدينة في التسعينيات إلى تحويله إلى منطقة نخبويّة باهتة.

شُيّد وسط القاهرة في أواخر القرن التاسع عشر مستلهماً من العواصم الأوروبية، بطرقه الواسعة وعماراته الكبرى. لكن مع التحولات الاقتصادية والسياسية خلال العقود الماضية، تغيّر طابعه من حيّ للطبقة الراقية إلى منطقة تحتضن أنشطة تجارية وثقافية وسكانًا من الطبقة العاملة. ورغم محاولات الحكومة تجديد هذا القلب الحضري، أطلق العبار تصريحات شبّه فيها خطته لتطوير القاهرة بمشروع "سوليدير" اللبناني، ما أشعل الجدل حول احتمالات محو الطابع التاريخي والاجتماعي للمنطقة.

قلّل المسؤولون المصريون من أهمية كلام العبار، وأوضحوا أنه مجرد مقترح بين عدة عروض استثمارية تخضع للدراسة. أكّد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أن الدولة ستنقل الوزارات تدريجياً إلى العاصمة الإدارية الجديدة، وأن المباني الحكومية القديمة ستُخصّص لجذب استثمارات عالية المستوى، دون أن يشير إلى خطط واضحة لحماية سكان المنطقة الحاليين أو الحفاظ على طابعها الاجتماعي.

حذّر المعماري أحمد زعزع من أن تتحول القاهرة إلى نسخة أخرى من بيروت إذا تغلّبت الرؤية الحصرية على الاعتبارات المجتمعية. أشار إلى أن وسط بيروت صار شبه مهجور بعد ساعات العمل نتيجة طرد الأنشطة الشعبية وسكانها، وهو ما قد يتكرر في القاهرة إذا سيطر الاستثمار العقاري الفاخر على المشهد.

أعرب إسماعيل شرارة، أحد سكان وسط البلد، عن قلقه من موجة غلاء متوقعة تفتقر لأي مبرر حقيقي. طالب الدولة بالحفاظ على ملكيتها للمنطقة لأنها قضية وطنية، وليست مجرد صفقة استثمارية. وأضاف أن بيع قلب العاصمة أو تسليمه لمستثمرين خليجيين قد يُفقد المدينة طابعها المتنوع وشخصيتها التاريخية.

أما شركة "الإسماعيلية للاستثمار العقاري"، التي تقود منذ 2008 جهود ترميم مبانٍ تاريخية في وسط القاهرة، فقد نأت بنفسها عن رؤية العبار، مشددة على أن هدفها لا يكمن في تحويل المنطقة إلى مشروع فاخر منبتّ عن هويتها الأصلية. وأكّد متحدث باسم الشركة أن الحفاظ على التراث يمثّل جوهر رؤيتهم، مع محاولة إحياء المنطقة بأسلوب يربط بين الحاضر والماضي.

وفي ختام التقرير، أكد موقع سيمافور أن الجدل حول تطوير وسط القاهرة يعكس التوتر القائم بين الطموحات الاستثمارية الخارجية والاحتياجات المحلية. وبينما ترى الدولة في الخليج شريان حياة اقتصاديًا، يرى سكان القاهرة في هذا التدخل تهديدًا لهويتهم ومساحتهم التاريخية المشتركة.
 

https://www.semafor.com/article/05/20/2025/how-the-gulfs-lifeline-for-egypt-is-worrying-cairos-residents