أعربت 11 منظمة حقوقية مصرية ودولية عن قلقها البالغ إزاء ما وصفته بمحاولات السلطات تمديد حبس السياسي البارز والمرشح الرئاسي السابق أحمد الطنطاوي، بعد استدعائه مؤخرًا للتحقيق في قضيتين جديدتين، رغم اقتراب موعد انتهاء مدة حبسه في 27 مايو الجاري.
وفي بيان مشترك، اعتبرت المنظمات أن ما يتعرض له الطنطاوي يمثل حلقة جديدة في سلسلة ما يُعرف بسياسة "تدوير المعتقلين السياسيين"، حيث يُعاد الزجّ بالمحبوسين احتياطيًا في قضايا جديدة قبل الإفراج عنهم، لإبقائهم قيد الاعتقال لأجل غير مسمى.
وقالت المنظمات إن استدعاء الطنطاوي يوم 26 أبريل الماضي من سجن العاشر من رمضان، للتحقيق في القضيتين رقم 2468 و2635 لسنة 2023، جاء على خلفية اتهامات بـ"التحريض على ارتكاب عمل إرهابي باستخدام القوة والعنف"، و"التحريض على التجمهر"، في إشارة إلى دعواته المزعومة للتظاهر دعمًا لغزة في أكتوبر الماضي.
وأكد الطنطاوي خلال التحقيق إنكاره الكامل للتهم الموجهة إليه، مؤكدًا أنها مبنية على تحريات أمنية غير صحيحة.
محاكمة تفتقر للعدالة
وكان الطنطاوي قد أُدين سابقًا في قضية تتعلق بجمع التوكيلات لترشحه للانتخابات الرئاسية، حيث قضت محكمة جنح المطرية بسجنه عامًا كاملًا، وهو حكم أيدته محكمة الاستئناف في مايو 2024.
وتقول المنظمات الحقوقية إن محاكمته شابها العديد من الانتهاكات القانونية، من بينها حرمان فريق دفاعه من الحصول على نسخ رسمية من أوراق القضية، إلى جانب اعتقال عدد من أعضاء حملته وأنصاره بتهم "إرهابية" مفبركة.
نمط ممنهج من التدوير والانتقام
وأبرز البيان الحقوقي أن حالة الطنطاوي ليست استثنائية، بل تندرج ضمن نمط أوسع من الملاحقات الأمنية والقضائية للمعارضين، بهدف إسكاتهم وحرمانهم من المشاركة السياسية.
واستشهد الموقعون بتجارب سابقة، أبرزها تدوير المحامية الحقوقية وعضوة المجلس القومي لحقوق الإنسان سابقًا هدى عبد المنعم، وكذلك عبد المنعم أبو الفتوح، رئيس حزب "مصر القوية"، والأمين العام للحزب محمد القصاص، والناشط السياسي محمد عادل، ممن وُجّهت إليهم اتهامات متكررة لضمان بقائهم خلف القضبان.
كما أشار البيان إلى إصدار حكم جديد غيابي ضد الكاتب والناشر هشام قاسم بالسجن ستة أشهر، فضلًا عن إعادة اعتقال السياسي يحيى حسين عبد الهادي بعد الإفراج عنه، بسبب مقال انتقد فيه سياسات الدولة عبر "فيسبوك".
ومؤخرًا، تم استدعاء الناشط السياسي أحمد دومة، بعد أشهر من خروجه من السجن، للتحقيق في منشورات انتقد فيها أوضاع السجناء السياسيين.
قوانين قمعية وغياب الإرادة للإصلاح
وانتقدت المنظمات ما وصفته بـ"التوظيف الانتقائي للقوانين القمعية" مثل قانون مكافحة الإرهاب، وقانون التجمهر، وقانون الإجراءات الجنائية، كأدوات لتصفية الحسابات مع الخصوم السياسيين وإضفاء شرعية قانونية زائفة على ما هو في جوهره سلوك انتقامي بامتياز.
وحذرت من أن استمرار هذه السياسات يقوض فرص الإصلاح الحقيقي في ملف حقوق الإنسان، وينسف أي مصداقية للوعود المتكررة من الدولة المصرية بتحسين أوضاع الحريات العامة.
مطالب بإسقاط الاتهامات ووقف التدوير
وطالبت المنظمات في ختام بيانها بوقف فوري لكل أشكال الملاحقة الأمنية ضد أحمد الطنطاوي، والإفراج عنه دون قيد أو شرط، وإسقاط التهم الموجهة إليه، ووقف التحقيقات في القضيتين الجديدتين.
كما دعت إلى الكف عن استهداف مؤيديه وأفراد أسرته، مؤكدة أن استمرار الممارسات الانتقامية ضد المعارضين لن يؤدي سوى إلى مزيد من الاحتقان والابتعاد عن مسار العدالة والإنصاف.
الجهات الموقعة
وقد وقع على البيان كل من:
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- المفوضية المصرية للحقوق والحريات
- مركز النديم
- الجبهة المصرية لحقوق الإنسان
- المنبر المصري لحقوق الإنسان
- مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان
- منظمة "إيجيبت وايد" لحقوق الإنسان
- لجنة العدالة
- مؤسسة دعم القانون والديمقراطية
- المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
- مركز ديمقراطية الشرق الأوسط
وتأتي هذه التحركات في وقت يزداد فيه الضغط الحقوقي الدولي على مصر، وسط دعوات متواصلة للإفراج عن المعتقلين السياسيين ووضع حد لاستخدام القضاء كأداة للانتقام السياسي.