في الساعة 2:17 من فجر الثلاثاء، استيقظ شرق البحر المتوسط على هزة أرضية بلغت قوتها 6.2 درجات على مقياس ريختر، ضربت المنطقة الحدودية بين جزر دوديكانيسا اليونانية والسواحل الغربية لتركيا.

ورغم بعد مركز الزلزال عن الأراضي المصرية، إلا أن سكان القاهرة والساحل الشمالي شعروا به، ما فجّر موجة ذعر واسعة، خاصة في ظل هشاشة البنية التحتية التي تعاني منها البلاد.

الزلزال، الذي لم يخلف ضحايا أو دمارًا ماديًا كبيرًا، كشف مجددًا عن الواقع المقلق للبنية العمرانية في مصر، وأعاد إلى الأذهان كابوس زلزال عام 1992، وسط مخاوف من تكرار السيناريو في حال حدوث هزة أقوى.

 

تاريخ متوتر.. الأرض لا تهدأ في حوض المتوسط

يُعد شرق المتوسط أحد أكثر مناطق العالم نشاطًا زلزاليًا، نتيجة تقاطع ثلاث صفائح تكتونية رئيسية: الأفريقية، الأوراسية، والأناضولية. ويمثل التصادم بين هذه الصفائح عامل ضغط دائم ينعكس في صورة هزات متكررة، تبدأ من سواحل اليونان وتركيا، وتمتد في تأثيرها إلى دول أخرى مثل مصر ولبنان وقبرص.

وخلال السنوات الماضية، تزايد النشاط الزلزالي في محيط جزيرة سانتوريني، ما دفع السلطات اليونانية لاتخاذ إجراءات استباقية، تضمنت إخلاء مدارس ومرافق عامة. تركيا بدورها لم تغفل الدرس، إذ سارعت بإرسال فرق طوارئ وبيانات توعوية عقب الهزة الأخيرة.

 

مصر تحت الخطر.. وزلزال الخوف يضرب العقول قبل المباني

ورغم أن مركز الزلزال يبعد مئات الكيلومترات عن مصر، إلا أن الإحساس به في القاهرة والساحل الشمالي سلط الضوء على ضعف البنية التحتية، لا سيما في المناطق المكتظة بالأبنية القديمة أو العشوائية، التي لا تلتزم بمعايير الأمان الإنشائي.

وسرعان ما تحولت مواقع التواصل إلى منصات للتعبير عن القلق الشعبي، خاصة مع غياب أي رد فعل رسمي واضح من الجهات المعنية. المواطنون تساءلوا: هل لدى الدولة خطة طوارئ؟ هل ستصمد المستشفيات والمدارس؟ وهل مشروعات "النيولوك" مثل العاصمة الإدارية الجديدة أولى من إنقاذ أرواح قد تنهار منازلها في هزة أقل قوة؟

 

تصدعات في جسد الدولة.. وزلزال في ثقة المواطن

ما زاد الطين بلة، هو الغياب التام لخطاب طمأنة أو تحرك احترازي من الحكومة، بعكس ما فعلته أنقرة وأثينا. وهو ما اعتبره مراقبون دليلاً على غياب الجاهزية المؤسسية للتعامل مع الكوارث، التي لا تمنح الحكومات رفاهية الوقت.

الزلزال كشف تصدعات لا في الأرض فقط، بل في جسد الدولة، إذ تتكدس ملايين الأسر في مبانٍ قديمة أو مخالفة، دون رقابة حقيقية أو خطط دعم، بينما تُضخ مليارات الجنيهات في مشروعات استعراضية، لا تمس حياة المواطن العادي.