انطلقت اليوم الأحد 20 يوليو 2025، من ميناء جاليبولي الإيطالي السفينة "حنظلة"، التابعة لتحالف "أسطول الحرية"، في محاولة جديدة لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، حاملة معها مساعدات رمزية ورسائل دعم من مختلف أنحاء أوروبا، في رحلة محفوفة بالمخاطر ولكن مشحونة بالأمل.

 

حنظلة تعود إلى البحر
"حنظلة"، وهي سفينة صيد نرويجية قديمة تعود إلى عام 1968، أعيد تأهيلها لتنضم إلى أسطول الحرية عام 2023، وقد انطلقت قبل أسبوع من ميناء سيراكوزا الإيطالي، ثم توقفت في جاليبولي في محطة للتزود والدعم الشعبي، قبل أن تتابع رحلتها صوب غزة. الرحلة، التي ستمتد أسبوعًا لعبور أكثر من 1800 كيلومتر في البحر الأبيض المتوسط، تهدف إلى لفت أنظار العالم إلى معاناة الفلسطينيين في القطاع المحاصر.

 

وفد برلماني ورسائل طلابية
وخلال التوقف في جاليبولي، استقبل النشطاء على متن "حنظلة" حشدًا من المتضامنين الإيطاليين، بينهم طلاب مدارس ثانوية، تعرّفوا على القضية الفلسطينية وتاريخ رسام الكاريكاتير الراحل ناجي العلي، مبتكر شخصية "حنظلة" الرمزية، التي تحمل السفينة اسمه.

كما انضمت إلى طاقم السفينة نائبتان من حزب "فرنسا الأبية" اليساري هما "جابرييل كاتالا" و"إيما فورو"، في مشاركة لافتة من برلمانيين أوروبيين تضع هذه الحملة في سياقها السياسي المناهض لتواطؤ حكوماتهم مع الاحتلال الإسرائيلي.

 

فن وأمل وهدايا رمزية
الجزيرة، التي واكبت تحرك السفينة، رصدت مشاهد إنسانية مؤثرة، حيث تزينت جدران "حنظلة" برسومات أطفال إيطاليين، بعضها يحمل ألوان العلم الفلسطيني، وأخرى تنادي بالحرية والسلام لأطفال غزة. كما زارت السفينة مزارعة إيطالية قدّمت نبتة صبّار رمزية، أوصت بزراعتها في القطاع "لتبقى شاهداً على الصمود".

وفي مشهد مؤثر آخر، سلّمت ثلاث فتيات من أصول تونسية-إيطالية يدعين "عائشة، وإيناس، ولورا"، ثلاث جرار صغيرة مليئة بالعملات المعدنية، هنّ مدخراتهن الشخصية، وطلبن أن تصل لأطفال غزة.

 

تحذيرات من اعتداء إسرائيلي متكرر
ورغم الطابع الإنساني والسلمي للرحلة، فإن خطر التعرض لاعتداء إسرائيلي يبقى حاضرًا بقوة، لا سيما بعد سلسلة من الاعتداءات التي طالت سفنًا مماثلة. ففي يونيو الماضي، اعترض جيش الاحتلال الإسرائيلي سفينة "مادلين" أثناء محاولتها كسر الحصار، واعتقل طاقمها ورحّلهم قسرًا. كما سبق له في مايو/أيار أن قصف بالطائرات المسيّرة سفينة "الضمير" التابعة أيضًا لأسطول الحرية قبالة سواحل مالطا.

وأكد زاهر البيراوي، رئيس اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة، أن الاحتلال لا يزال يحتجز سفينة "مادلين" رغم مرور أكثر من شهر على اعتراضها في المياه الدولية، في انتهاك للقوانين البحرية والمواثيق الإنسانية.

 

أسطول الحرية.. نضال مستمر
تحالف "أسطول الحرية"، الذي تأسس عام 2010 بمبادرة من هيئة الإغاثة الإنسانية التركية IHH، بمشاركة عدد من المنظمات الدولية غير الحكومية، من بينها حركة غزة الحرة والحملة الأوروبية لإنهاء الحصار، نَفّذ ستّ حملات بحرية كبرى حتى الآن، كانت أبرزها مشاركة السفينة "مافي مرمرة" التي انتهت بمجزرة ارتكبها جيش الاحتلال، وأسفرت عن مقتل عشرة نشطاء وجرح العشرات.

ويصف التحالف سفينة "حنظلة" بأنها "صرخة ضمير عالمي في وجه التطبيع مع جريمة الحصار"، مؤكدًا أن الحملة التضامنية الحالية ليست مجرد رحلة بحرية، بل رسالة واضحة إلى العالم بأن "التحرك التضامني ليس ترفًا، بل واجب أخلاقي وإنساني".

 

من ناجي العلي إلى البحر
اسم السفينة لم يكن عشوائيًا؛ فقد حملت اسم "حنظلة"، أشهر إبداعات الرسام الفلسطيني الراحل ناجي العلي، والذي اغتيل في لندن عام 1987. وُلد "حنظلة" عام 1969 كرمز للنكبة والصمت العربي، وها هو اليوم يُبحر كرمز لمقاومة الحصار والدفاع عن الطفولة الفلسطينية.