رصدت منصة "جوار" الحقوقية خلال الأسبوع الجاري ظهور 20 فتاة أمام نيابة أمن الدولة العليا، على ذمة قضايا تتعلق بجمع التبرعات لدعم قطاع غزة.
هذه الواقعة تأتي في ظل أنباء عن اختفاء عدد آخر من الفتيات والشبان ممن شاركوا في مبادرات تطوعية لمساندة الفلسطينيين، خاصة عبر توفير وجبات غذائية عبر ما عُرف بـ"تكايا غزة"، في مشهد يعكس حجم التضييق على العمل الإنساني والتضامني.
وتكشف هذه التطورات عن تصعيد أمني واسع ضد المبادرات الشعبية، حيث طالت الاعتقالات متطوعين شاركوا في جمع تبرعات أو إعداد مساعدات غذائية موجهة للقطاع المحاصر، ما أدى إلى توقف العديد من الأنشطة الخيرية التي كانت تقدم وجبات يومية للفلسطينيين منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر 2023.
اعتقالات بالجملة منذ أكتوبر
بحسب منظمات حقوقية، بلغ عدد المعتقلين على ذمة قضايا أمن الدولة منذ أكتوبر الماضي نحو 173 شخصًا، جُلّهم اعتُقل بسبب مواقف علنية داعمة لفلسطين.
وتشمل الحالات متظاهرين تم توقيفهم خلال فعاليات نُظمت في القاهرة والإسكندرية، وفي محيط الجامع الأزهر، إضافة إلى أطفال وشباب رفعوا لافتات تطالب بفتح معبر رفح أمام المساعدات.
ويؤكد مراقبون أن هذه الحملة الأمنية، التي باتت تطال حتى الأنشطة غير السياسية والإنسانية البحتة، تكشف عن توجه واضح لدى السلطة نحو تجريم كل أشكال التضامن مع غزة، مهما كانت سلمية أو إنسانية.
إغلاق رفح وملاحقة المبادرات
لم يكتفِ النظام الانقلابي بقيادة عبد الفتاح السيسي بإغلاق معبر رفح لأكثر من عام تقريبًا ومنع تدفق المساعدات إلى القطاع، بل مضى في ملاحقة أي محاولة لدعم الفلسطينيين من داخل مصر.
فحتى من يسعى لتقديم المساعدات الغذائية أو جمع التبرعات يواجه خطر الملاحقة القضائية، ما أفضى إلى شلل كامل في المبادرات المجتمعية، التي كانت تمثل متنفسًا للناشطين وأملًا للفلسطينيين.
وفي هذا السياق، توقفت معظم "التكايا" التي كانت تقدم وجبات غذائية بشكل يومي لأهالي غزة، بعد توقيف عدد من المشرفين عليها ومداهمة مقراتها ومصادرة محتوياتها.
وبحسب مصادر حقوقية، تم الإفراج عن بعض المتطوعين بعد توقيع تعهدات بوقف النشاط نهائيًا، بينما لا يزال آخرون رهن الحبس دون معلومات دقيقة عن أوضاعهم القانونية أو التهم الرسمية الموجهة إليهم.
أزمة إنسانية وغضب شعبي
وتأتي هذه الإجراءات في وقت يشهد فيه قطاع غزة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه، وسط نقص حاد في الغذاء والدواء والمياه، واستمرار انقطاع المساعدات بسبب الإغلاق الإسرائيلي المستمر للمعابر، بالتنسيق الضمني مع سلطات السيسي.
في المقابل، لا يزال الشعب المصري حاضرًا بقوة في ميادين التضامن، حتى وإن كلفه ذلك حريته. فرغم القمع، تظهر بين الحين والآخر مبادرات فردية وشعبية، تعكس مدى ارتباط المواطن المصري العادي بالقضية الفلسطينية، واستعداده لتحمّل الثمن دفاعًا عن الكرامة والعدالة.